الشبكة العربية للأنباء

ما الذي يجعل الإمارات فريدة من نوعها في المنطقة؟

2020/12/02 الساعة 12:02 مساءً

 

أعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أكثر من خمس سنوات، وقد لاحظت بعض السمات المميزة لهذا البلد، وأود أن أشارك الآخرين أربع خصائص هنا، تميّزت بها الدولة وكان حقًّا على العارفين التعريف بها.

 

مركز لبناء شبكة علاقات عالمية

 

 سواء كنت رجل أعمال أو دبلوماسيًا أو ناشطًا في المجال الإنساني أو مجرد سائح عابر؛ الإمارات العربية المتحدة ستكون في حصيلتك المعرفيّة مكان فريد حقًا للتواصل، فالتقويم أثناء إقامتك سيكون مليئًا بالأحداث والنشاطات.

المؤتمرات الدولية والمعارض التجارية، القمم العالمية والإقليمية، المنتديات بمختلف أنواعها واهتماماتها. والقائمة تطول..

 

البلد عبارة عن منصة حيّة لإنشاء أعمال تجارية جديدة، سرعان ما تتوسّع وتستكشف أسواقًا وأفكار جديدة. بلا شك، إنه باب آمن لدخول المنطقة للشراكات متعددة الجنسيات. أيضًا ستجد نفس الأمر بالنسبة للشركات المحلية لتحقيق الاعتراف العالمي بها حول العالم، سوق دوت كوم، وكريم، على سبيل المثال لا الحصر بعض القصص الناجحة التي نشأت في الإمارات العربية المتحدة.

 

بالنسبة للدبلوماسيين والنشطاء الدوليين، الإمارات تصبح المعامل الموضوعي لهيئة الأمم المتحدة، فهي مليئة بالفعاليات والمؤتمرات والقمم رفيعة المستوى. يأتي قادة العالم والوزراء والأفراد رفيعو المستوى إلى هنا؛ لمناقشة القضايا الحاسمة مثل: تغير المناخ، والطاقة المتجددة، والأمن والصراعات، والجهود الإنسانية، وغير ذلك الكثير.

 

أود أن أشارك حدثين رئيسيين يقامان سنويًا في الإمارات العربية المتحدة. الحدث الأول هو: جمعية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) حيث يتوافد العالم بأسره إلى أبوظبي للمشاركة في هذه القمة العالمية للطاقة. مناسبة غير عادية في المنطقة والعالم، تجتمع فيها حكومات العالم لتناقش الانتقال إلى الطاقة المتجددة. فرصة تعليمية للحكومات لمشاركة الخبرات وتكييف التقنيات الجديدة. والأهم من ذلك، دعم بعضنا البعض في بيئة تعاونية. كل ذلك ستجده متوافرًا في مكان واحد.

 أما الحدث الثاني فهو: القمة الحكومية العالمية، وهي دافوس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. على خشبة المسرح، يتشارك قادة العالم البارزون رؤاهم للمستقبل، والأفكار الجديدة التي تتم مناقشتها، ويتم عرض التحدّيات والتقنيات الجديدة. والأهم من ذلك، أن القمة تغدو منصة لتبادل الحكومات لوسائل لمعرفة والخبرة، وتحديثها بالاتجاهات الموضوعية في جميع القطاعات الرقمية، والتكنولوجيا، والعلوم، والصحة، والرفاهية الاجتماعية، والحوكمة، على سبيل المثال.

 

كما أنها مركز للقطاعين العام والخاص في الدولة للالتقاء والتعاون. قيادات إماراتية ووزراء ونواب ومدراء وموظفون من كافة المؤسسات والجهات حتى طلاب الجامعات! الجميع يحضر هذا الحدث. فرصة رائعة للقاء موظفي الحكومة وللقطاع الخاص لبناء العلاقات البنّاءة. يجب استخدام هذا النموذج في كل مقاطعة، فهو يعزز العلاقة بين جميع الكيانات المختلفة في القطاعين: العام والخاص.

كل هذه الأحداث وغيرها، تجلب العالم إلى منطقة الخليج، فالعيش في الإمارات، يمنح وصولاً ثمينًا إلى العالم في جميع المناطق، في مكان واحد دون الحاجة إلى السفر إلى الخارج. صفة نادرة تميّزت بها المنطقة العربية.

 

اعتزاز بالتقاليد والثقافة

 

 تتقدّم الإمارات بشكل سريع منذ استقلالها، لتصبح الآن واحدة من أغنى دول العالم، ونقطة بارزة على رأس العديد من المؤشرات العالمية. وبالرَّغم من ذلك، ظلت تقاليدهم وثقافتهم بارزة في ذات الوقت بكل اعتزاز وفخر. لا يقتصر الأمر على الاحتفاظ بعلاقاتهم ببعضهم البعض، بل يتشاركون أيضًا من خلالها بكل فخر مع بقية العالم. تتميز الدولة بخصائص طاقة القوة الناعمة التي تجذب غير الإماراتيين لتكييف التقاليد والثقافة بكل موضوعية وتأصيل.

 

أنا أتحدث عن لهجة الإمارات، والتخييم في الصحراء، وسباق الخيول والهجن. أتحدث عن الصقور، ورياضة السماء، ورقصة العيالة، والملابس التقليدية. لدي العديد من الأصدقاء في الإمارات وأراهم دائمًا يرتدون الكندورة، ونادرًا ما أراهم يرتدون ملابس أخرى. أرى هذا مهمًا جدًا، وعلامة فخر من خلال الحفاظ على التقاليد الموروثة والثقافة الأصيلة، فلا يوجد تهديد من التقدّم والانفتاح على الآخر.

 

في معظم المؤتمرات التي حضرتها، تنتهز الإمارات العربية المتحدة هذه الأحداث كفرصة تعليمية لإطلاع الجمهور على تاريخ الدولة وثقافتها. يعرض في مقدِّمة الحدث مقطع فيديو تعريفي مختصر في البداية، الغناء والرقص على المسرح، والتمثيل... يتم استخدامه ليُظهر للعالم مدى فخرهم بتراثهم.

 

كمهتمّ منذ أكثر من خمس سنوات، لم أشاهد مقطع فيديو يتم تشغيله مرتين في مؤتمرات مختلفة، ومع ذلك فإن الرسالة لا تزال كما هي. إنه يظهر استراتيجية كبيرة من الاتساق، والتزام القادة والمجتمع للحفاظ بفخر على تراثهم.

 

المنافسة الذاتية

 

 الإمارات دائماً تنافس نفسها، ذلك هو المحرك الحقيقي الذي يقود التقدم في الدولة.

قد يقول الكثيرون إن دولاً تتنافس مع العالم من حولها بناءً على مؤشرات رئيسية حول التنافسية وسهولة الأعمال والشفافية وما إلى ذلك. بالنسبة لي، إنها تتنافس مع نفسها ومع طموحاتها العليا، ولن تقبل أبدًا بأي شيء، وستستمر دائمًا في كتابة مستقبلها، وإعادة ابتكار نفسها، وتجاوز التوقعات.

 

في السنوات القليلة الماضية فقط، أنجزت الإمارات أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي، وأرسلت رواد إلى الفضاء، وتستعد حاليًّا لإرسال مسبار إلى المريخ، واستضافة المعرض العالمي الأول في المنطقة. هذه إنجازات مهمة يجب الاحتفال بها لعقود؛ وزيادةً على ذلك، فإن الإمارات لا تتوقف أبدًا.

 

المنافسة الكبيرة التي تجريها الإمارات الآن، هي أن تكون رائدة في الثورة الصناعية الرابعة. لقد استضافت أول أحداث رئيسية على الإطلاق في المنطقة حول بلوك تشين، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي لتوقّع مشهد المستقبل المتطور.

 

الأهم من ذلك، أن الحكومة تبني مؤسسات جديدة لتضع نفسها في قيادة المستقبل. فقد أنشأت أول وزارة في العالم تركز على هذه التقنيات الناشئة، ودمجها في القطاعات الحكومية المختلفة. يضم مجلس الوزراء الإماراتي الجديد أربع وزارات لإعداد البلاد للثورة الصناعية الجديدة، التي سوف تغيّر معاير القوى العالمية؛ هذه الوزارات هي: التنمية الحكومية والمستقبل، الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات العمل عن بعد؛ الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة.  وتبدو أول جامعة دراسات عليا في العالم تركز على الذكاء الاصطناعي، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI). كل هذه الحقائق والمعطيات تظهر التزامًا حقيقيًّا بالمستقبل، والتزامًا بالريادة، والأهم من ذلك، الالتزام بازدهار ورفاهية المجتمع.

 

الشيخ زايد والإمارات

 

 بينما كنت طفلاً في نصاب، مسقط رأسي في اليمن. كنت أسمع دائمًا الأشياء العظيمة عن الإمارات العربية المتحدة والشيخ زايد، وكأن كلاهما يعنيان ذات الشيء، كلاهما مرادفان لبعضهما البعض. الآن، يمكنني معرفة السبب.

 

أنشأ المغفور له الشيخ زايد دولة حديثة قوية، بحكم الأخلاق والعمل الجماعي. ستقود مبادئه دائمًا القيادة هنا. بغض النظر عن المدى البعيد في المستقبل، سيبقى إرثه بوصلة الإمارات العربية المتحدة في الاتجاهات والقرارات. شخصية قوية تزداد قوة مع مرور الوقت. حقا، إن ذلك هو التعريف الحقيقي للقوة الناعمة التي تؤثر بأسلوبها وإلهامها.

 

دعونا لا ننسى أنه قاد لتوحيد سبع إمارات مستقلة سلميًّا في منطقة سيطر فيها العنف على العقلية السياسية، حيث تندلع الحروب الأهلية في كل مكان، وحيث الانقلابات هي الموضة السائدة. فهذا يظهر مدى عظمة المغفور له الشيخ زايد، ولكي أكون صادقًا، أعتقد أنه يجب دمج نموذجه المُلهِم وهذه القيادة الفذّة في الكتب والمحاضرات الجامعية لمزاياها الخاصة. ذلك ما نأمل رؤيته وتقنينه كرؤية تعليمية، لشخصية مُلهِمة للأجيال، فإن كانت هذه الشخصية ترقد بسلام إلا أن رؤاها ومنهجها هو الذي يوجّه مستقبل الإمارات.

 

ومع اقتراب دولة الإمارات العربية المتحدة من يومها الوطني التاسع والأربعين، فإن هذا الحدث ليس مجرد يوم للاحتفال فقط. إنه يوم فخر أمام الأمم، ويوم إنجاز، ويوم للالتزام والتصميم على المضيّ قدمًا.

 

آمال كبيرة على شباب الإمارات، أجدادهم فعلوا المستحيل، وقد حان دورهم للقيام بما لا يمكن تصوره.