الشبكة العربية للأنباء

متى تموت أسعار الدنيا وتعود قيمة الحياة في اليمن؟

2020/08/18 الساعة 03:26 مساءً

متى تموت أسعار الدنيا وتعود قيمة الحياة في اليمن؟
 

جميعنا سوف نموت! ذلك القدر الذي لا مفرّ منه، مهما اعتلت الحصون فوق قمم الجبال، وكثرت الرجال حولك أو المال في حسابك البنكي.
وفِي الوقت نفسه، لا قيمة للحياة دون الموت، وبالتحديد هذا ما يمنحنا فكرة أن لحياتنا معنًى وهدفًا ساميًا، فوجودنا على هذه الدنيا، قيمة لا تنتهي إلا بيوم القيامة ورفاهية الدنيا تنتهي بموت المرء نفسه. 

والمصيبة التي يعاني منها أكثر السياسيين في بلادنا، انهم يعرفون أسعار الدنيا الفانية، ولم يدركوا قيمة الحياة بذاتها، قيمة الوجود، والأهم من ذلك أن للآخرين قيمة منحهم إياها الخالق، ليست بأثمان الذهب أو المناصب، ولكن بمعيار القيم والأخلاق.

جميعنا سوف نموت، كما مات الأسكندر الأكبر، الذي قاد جيوش مقدونيا، ودمّر الإمبراطورية الفارسية، واستولى على بلاد الشام، ومصر، وآسيا الصغرى، حتى وصل إلى الهند؛ لكن رغم قوّته، مات ضعيفًا من الحمى التيفية.

جميعنا سوف نموت كما مات أغنى رجل في التاريخ، الملك مانسا موسى المسلم حاكم إمبراطورية مالي، الذي أغرق الأسواق بالذهب خلال رحلته للحج في عام 1324م.

الموت يأخذ كل شيء، إلا الأفكار التي تخدم شعوبها لا تموت. فرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تمُت لأنها جاءت للعالم بأن الناس عند الله سواسية، لا فرق ولا تفاضل بين الأبيض والأسود، والعربي والأعجمي إلا بالعمل الصالح النافع الذي يخدم القيمة الإنسانية. ذات هذه الرسالة، رسالة العدل هي ما نراه اليوم واقعًا مطبقًّا في أوروبا وأمريكا، بينما نرى غيابها وضياعها في بلادنا.

قيمتنا في الحياة تثمّن بالأفكار  التي نحملها في عقولنا.  فما هي أفكارنا؟

دعونا نبدأ من رأس الهرم، السياسيون -أغلبهم- تفكيرهم منحصر في كيف يهاجم بعضهم بعضًا. كثرت الشعارات التي يرددونها والغاية واحدة، دون أي استثناء، فلو كانت الفكرة خدمة اليمن المريض، لما فعلوا ما يفعلون الآن. فحتى الآن؛ لم يصنعوا فكرة بسيطة تخدم الشعب؛ بل صنعوا أسعارًا للحياة، ينفقون المال لكسب النفوذ، ويصرخون في الإعلام لجذب الانتباه، ويصادقون الغرباء ضد بعضهم البعض.
عرفوا أسعار انفسهم في الدنيا؛ ولكن لم يعرفوا حتى الآن قيمتهم في الحياة لخدمة وطنهم. وبسببهم، فسد من هم أسفل الهرم، وأصبح الوطن كسوق الأسهم، من يدفع أكثر! وضاع معنى الحياة الكبير، وأصبحنا ننظر لكل يوم بيومه، فلا مستقبل ولا أمل بهذه العقليات النفعية. 
انفصلنا تمامًا عن العادات الحميدة والأخلاق الإنسانية العالمية، فأصبح البعض يحدّث نفسه: ما الفائدة أن تكون عادلًا بين الظالمين؟ وصادقًا بين الكاذبين؟ لم يبقَ أي سبب لنا لثبات المبدأ، سوى الخوف من الله لا غير.
لقد أصبحت جميع طبقات المجتمع تعاني من فقدان الهوية والغاية والهدف المحمود، أو بمعنى آخر: فقدت قيمتها في الحياة.

نحن نحتاج إلى أشخاص تعيد للحياة قيمتها في بلادنا، ليس فقط الكهرباء والماء، فالناس تعيش بدونها الآن ولَم تمُت. 
نريد تهيئة رجوع الروح الإنسانية في بلادنا، حتى نتآخى ونتسامح فيما بيننا دون مذلة أو استعلاء. 

أين هم أولئك الأشخاص؟ بدون أي مزايدة أقولها، جميعنا نتحمّل المسؤولية، فردًا فردًا، فقيمة الوطن بأبنائه، وقيمتنا بقيمة الوطن بين الشعوب الأخرى.