الشبكة العربية للأنباء

المملكة المتحدة وقفزة إعادة الفتح

2021/07/11 الساعة 08:48 صباحاً

لقد تدربت لأن أصبح عالماً، وعلى هذا النحو أريد دائماً أكبر قدر ممكن من البيانات والأدلة عند الموازنة بين مخاطر وفوائد سؤال أو مشكلة صعبة. لذلك عندما حدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تفاصيل إعادة الافتتاح الكبرى المقررة في 19 يوليو (تموز) بدأت أجراس الإنذار تدق. كان تفكيري الأولي أنه لا يزال هناك العديد من الأشياء التي لا نعرفها عن مسار هذا الفيروس أو الوباء. لا يبدو أن هناك ما يكفي من البيانات الصعبة - أو ليس بالنسبة لي على الأقل - للشعور بالراحة أنه سيكون من الأمان التراجع عن القيود الآن.


شيئان غيرا رأيي: أولا، أوضح جونسون أن الحكومة يمكن أن تعيد فرض بعض تدابير «كوفيد» حسب الحاجة إذا أعاد ظهور الفيروس الضغط على الخدمات الصحية أو تسبب في مشاكل للتطعيم. فهذا صمام أمان مهم لأنه لا يزال هناك الكثير من الأشياء المجهولة. لكنني توصلت بشكل متزايد أيضاً إلى إدراك أنه يتعين علينا أن نتغلب على الرصاصة في مرحلة ما، حتى مع العلم أنه ستكون هناك مخاطر. لذلك الآن هو الوقت المناسب.


أجلت الحكومة بالفعل «العودة إلى الوضع الطبيعي» لمدة أربعة أسابيع للسماح بالمزيد من التطعيمات وسط انتشار متغير «دلتا»، والآن تم تلقيح المزيد من الناس. كان من الممكن أن تنتظر السلطات حتى يرتفع معدل التطعيم. ولكن ما هو الرقم السحري ومتى سنحققه؟ إذا لم تتخذ الحكومة هذه الخطوة عندما تكون المدارس مغلقة ويكون معظم الناس قادرين على التواصل الاجتماعي في الهواء الطلق (على افتراض أن الطقس البريطاني يسمح بذلك)، فمتى إذن ستفعل؟


كان من المنطقي الانتظار حتى شهر سبتمبر (أيلول) حتى تسنح الفرصة لأكثر من 90 في المائة من البالغين للحصول على جرعة واحدة من اللقاح إذا كنا متأكدين من أنهم سيتقدمون جميعا للحصول على جرعاتهم. من ناحية أخرى، فإن جعل الحياة أسهل للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل من للسفر، والعزل الذاتي، وما إلى ذلك، قد يحفز في الواقع هؤلاء الممتنعين القلائل على المضي قدما والحصول على لقاحاتهم.


لكن لا تخطئ، فالمملكة المتحدة تجري تجربة كبيرة، لكنها استغلت بالفعل بعض الفرص خلال الوباء. كانت أول من استخدم، على سبيل المثال، فاصلاً زمنياً كبيراً يصل إلى 12 أسبوعاً بين الجرعة الأولى والثانية من اللقاح، والتي عملت لصالحها من حيث تسريع التطعيم وتقليل الوفيات والاستشفاء - على الأقل إلى أن وصل متغير «دلتا». كما واصلت المملكة المتحدة تلقيح الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 40 عاما بلقاح «أسترازينيكا» بدلاً من زيادة الحد الأدنى للعمر، رغم معرفة مخاطر الآثار الجانبية النادرة للتخثر، وهو ما نجح بشكل عام دون مضاعفات كبيرة.


بالنسبة لهذه الخطوة الأخيرة، فانا أؤيد المضي قدماً في إعادة الفتح، خاصة مع العلم أن الباب مفتوح للانتكاس إذا أصبح «كوفيد» مشكلة أكبر مرة أخرى. لكن هذا لا يعني أنني مرتاح لكافة التفاصيل. فيما يلي بعض النقاط التي يجب على حكومة جونسون أخذها في الاعتبار والمتغيرات الرئيسية التي تحتاج إلى مراقبتها لمنح إعادة الافتتاح أكبر فرصة للنجاح.
* لماذا نزيل شرط القناع؟ أفهم أنه رمز للوباء، لكن لا تزال هناك جائحة. الفيروس مستمر في الانتشار، ويمكن أن يساعد إجراء بسيط مثل ارتداء قناع على تقليل الانتشار. لماذا أصبحت الأقنعة قضية سياسية وعاطفية؟ نعلم أنهم يعملون على منع شخص مصاب من نقل الفيروس ومن المحتمل الآن أن يكون لدينا أشخاص لقحوا مرتين ينشرون العدوى عن غير قصد. إن ترك قرار ارتداء القناع للفرد يشبه إزالة جميع حدود السرعة على جميع الطرق أو القول إن ارتداء حزام الأمان في السيارة أمر اختياري. مع ظهور متغير «دلتا» بقوة، يعتبر الحفاظ على الأقنعة في المناطق المزدحمة طريقة سهلة لمنح الفيروس فرصا أقل للانتشار.


التطور الفيروسي: تظهر البيانات الحديثة أن التطور الفيروسي أكثر تنوعاً في الأشخاص غير المحصنين من أولئك الذين تم تلقيحهم بالكامل. وهذا يعني أن الحماية التي يحركها اللقاح «تركز» تطورها على طفرات أقل وأكثر اتساقاً. هذا يجعل من السهل تخمين كيف سيتصرف الفيروس للمضي قدما وقد يمنع الحاجة إلى التعزيزات المصممة خصيصا لهذا الغرض. من ناحية أخرى، يخضع الفيروس في الأشخاص غير الملقحين لمزيد من الطفرات العشوائية. ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى نتائج غير متوقعة والمزيد من المتغيرات المقلقة. ما هو غير واضح هو كيفية تأثير الفيروس في عدد كبير من الأشخاص الذين تناولوا جرعة واحدة فقط. إذا تحور بنفس الطريقة العشوائية كما هو الحال في غير الملقحين، فقد يخلق المزيد من الفرص لمزيد من المتغيرات الأكثر إشكالية. نحن لا نعرف والتطورات المستقبلية تستحق المتابعة في حال لم تكن دلتا «أسوأ» ما يقدمه الفيروس.


«كوفيد الطويل»: حتى الملقحين يمكن أن يصابوا بعدوى «كوفيد»، رغم أنه يميل إلى أن يكون أقل حدة. ولكن ما هي مخاطر الإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد (عدوى ذات أعراض طويلة الأمد)؟ نحن نعلم أن التطعيم ساعد بعض الأشخاص الذين يعانون من «كوفيد» طويل الأمد، لكن ليس جميعهم. هل هذا يعني أنه سيكون لدينا عدد كبير من الناس يعانون إلى حد ما لفترة طويلة جدا؟ ذكرت البيانات التي نشرتها «إمبريال كوليدج» - لندن مؤخراً أن أكثر من ثلث الأشخاص الذين يعانون من أعراض «كوفيد - 19» يعانون من أعراض مستمرة لمدة 12 أسبوعا أو أكثر. يشير ذلك إلى أن الحد من العدوى يجب أن يظل هدفا للصحة العامة، حتى لو كان السعي إليه دون قيود أشد صرامة.


هل الأطفال في خطر؟ أطفال المدارس غير مؤهلين حاليا للتلقيح في المملكة المتحدة. ماذا يحدث لهم عندما تبدأ المدرسة مرة أخرى ويزداد خطر الإصابة بالعدوى، كما هو متوقع بحلول سبتمبر؟ قد لا تؤدي عدوى «كوفيد» عند الأطفال إلى دخول المستشفى أو الوفاة في كثير من الأحيان، لكنها لا تزال تسبب بعض الأمراض. هناك أيضا خطر ظهور متغير جديد يمكن أن يؤثر على الأطفال أكثر. إنه متغير آخر يجب على بوريس جونسون تفسيره ويمكن أن يغير حسابات إعادة الفتح.


ماذا عن نقص المناعة؟ الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، بما في ذلك أولئك الذين يخضعون لعلاج السرطان، معرضون بشكل أكبر لخطر النتائج السيئة لـ«كوفيد» وقد لا يحصلون على نفس القدر من الحماية من اللقاحات. البعض غير قادر على أخذ اللقاح بأمان على الإطلاق. ومن المرجح أن يؤدي تقليل القيود إلى تقييد ما يمكن لهذه المجموعات فعله إذا أرادت البقاء في أمان. لماذا يتم تهميشهم في مجتمع يتمتع بحرياته الطبيعية دون الحاجة إلى ارتداء الأقنعة؟ هل من المفترض أن يبقوا في الحجر؟ هناك فجوة كبيرة في خطة إعادة الفتح التي لا تتضمن هؤلاء السكان، إما من خلال تقديم المعززات، وإيجاد علاجات أفضل لوباء «كوفيد» الحاد، وإما ربما من خلال إنشاء مساحات آمنة من «كوفيد».


هناك أسباب وجيهة للمملكة المتحدة لاتخاذ قفزة إعادة الفتح، ولكن ستكون هناك بعض التوقفات والبدايات - والدروس المستفادة على طول الطريق. يتعين على بقية العالم الذي يتصارع مع نفس السؤال حول متى وبأي وتيرة يمكن أن تزال القيود من على المواطنين أن يشكر المملكة المتحدة على إجراء التجربة نيابة عنهم.