الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - بعدما ضربت أهدافاً في 3 دول.. ماذا سيترتب على إيران؟

بعدما ضربت أهدافاً في 3 دول.. ماذا سيترتب على إيران؟

الساعة 05:37 مساءً

 

أثارت هجمات الحرس الثوري الإيراني ضد أهداف في ثلاث دول بالمنطقة هي العراق وسوريا وباكستان، موجة من الإدانات الإقليمية والدولية واستدعت ردا عسكريا من قبل باكستان وتوترا كبيرا في العلاقات الدبلوماسية بين طهران وإسلام آباد.

 

 

وأعلنت إيران أنها استهدفت جماعة "جيش العدل" داخل الأراضي الباكستانية، يوم الثلاثاء الماضي، وبالمقابل ردت باكستان فجر الخميس، بغارات ضد مواقع لـ " جيش تحرير بلوشستان" في إيران، حيث تعتبر الدولتان هذين التنظيمين "انفصاليين".

 

كما ادعى الحرس الثوري أن القصف الصاروخي ضد كردستان العراق استهدف مقرا لـ"الموساد" الإسرائيلي وقواعد لجماعات معادية لطهران على أراضي تلك الدول، متورطة بهجمات ضدها.

 

وجاء في بيانات الحرس الثوري والقادة العسكريين الإيرانيين أن هذه الهجمات بالصواريخ والمسيرات هي جزء مما يسمى "الانتقام العنيف" لمقتل قادته في العراق وسوريا وللهجمات التي تتهم إسرائيل وأميركا بالوقوف وراءها، وكذلك ضرب المتورطين بهجوم كرمان الأخير، حسب زعمها.

 

وما عدا صمت دمشق التي تربطها علاقات وثيقة مع طهران، دانت كل من بغداد وإسلام آباد هذه الهجمات بشدة ووصفتها بأنه انتهاك لسيادتهما الوطنية ومجالهما الجوي، كما قامتا باستدعاء سفيري طهران.

 

سؤال مشروعية الهجمات

وأدت الهجمات الإيرانية غير المسبوقة إلى طرح سؤال مشروعية قيام العملية العسكرية خارج الحدود وانتهاكات السيادة الوطنية للدول الثلاث، حيث وضعت طهران في موقف صعب حول "تبرير" ما تسميها "العمليات الانتقامية" من ناحية القوانين الدولية، فضلا عن توتر علاقتها السياسية والأمنية مع جيرانها.

 

من جانبه يبرر الحرس الثوري الإيراني إطلاق هذه الصواريخ بادعاء أن حكومات سوريا والعراق وباكستان "غير قادرة على القيام بواجباتها في السيطرة على الجماعات المعارضة لطهران داخل هذه البلدان"، وبسبب هذا "العجز" تحاول إيران "تحييد أخطار تهددها"، وهذا ما جاء في بياناتها وتصريحات قادتها العسكريين والسياسيين.

 

كما أن طهران بعثت برسالة إلى مجلس الأمن، زعمت فيها أن "عمليات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها ضرورية ومتناسبة مع الاستهداف الدقيق لقواعد الجماعات الإرهابية والامتثال الكامل لالتزامات إيران الدولية، وخاصة القانون الدولي الإنساني".

 

وجاء في الرسالة أن "إيران تؤكد مجددا حقوقها الأصيلة التي يعترف بها القانون الدولي لحماية سيادتها وأمنها القومي ومواطنيها ضد أي تهديد أو هجوم".

 

إلا أن الدول المستهدفة بهجمات الحرس الثوري اعتبرت ذلك عملا عدائيا وانتهاكا لسيادتها الوطنية خلافا لكل القوانين الدولية خاصة أنها أدت إلى مقتل أبرياء.

 

وقال نواب ومسؤولون إن إيران تريد بذلك التغطية على فشلها في مواجهة خصومها بضرب جيرانها، حيث عد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، اعتداء الحرس الثوري على أربيل، بأنه "محاولة إيرانية لتصدير مشاكلها الداخلية".

 

ماذا سيترتب على ذلك؟

وتكمن المعضلة القانونية والحقوقية في أن استناد إيران إلى "مبدأ الدفاع المشروع" وفق القوانين الدولية لتبرير هذه الهجمات، لا يتوافق مع شعارها حول "الانتقام العنيف" وبالمقابل سيعطي مبررات لخصوم إيران لشن هجمات مماثلة، مثلاً في حالة إسرائيل التي تقوم بها ضد طهران سواء ضرب جنرالات وقوات وميليشيات إيران داخل سوريا أو استهدف المواقع النووية والعسكرية داخل إيران.

 

كما أن هذا سيبرر ضرب القوات الأميركية والدول المتحالفة معها لأي جهة تحمل أسلحة إيرانية إلى ميليشيات الحوثي في اليمن أو الحشد الشعبي في العراق أو حزب الله في لبنان وغيرها من الأهداف.

 

وبهذا تكون إيران قد تقوم بنفس العمل الذي تنتقد كل من إسرائيل والولايات المتحدة بشأنه حول تنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود ومن دون مبرر قانوني أو غطاء دولي مشروع.

 

ويرى مراقبون أن هذه الهجمات ستؤدي إلى المزيد من التوتر الإقليمي مع النظام في طهران الذي يحاول كسر العزلة الدولية من خلال تحسن علاقاته مع دول المنطقة، نظرا لتوقف المفاوضات الدولية بشأن الملف النووي واستمرار الحصار والعقوبات الغربية.

 

كذلك يربط بعض المحليين ما جرى من هجمات إيرانية بحرب إسرائيل على غزة ويقولون إن طهران استغلت انشغال المنطقة والعالم بهذه الحرب ووجدت الفرصة المناسبة لتصفية الحسابات مع خصومها وكذلك الجماعات المعارضة في ظل سياسة الولايات المتحدة وأوروبا بتجنب الصدام المباشر مع إيران.

 

تناقض الروايات الرسمية

وما أثار موجة الانتقادات ضد طهران هو التناقضات العديدة في الروايات الإيرانية الرسمية حول أسباب القيام بهذه الهجمات، فبالرغم من إعلان الحرس الثوري أنه استهدف مقرا للموساد في أربيل، فقد تبين أن الموقع المستهدف هو منزل بيشرو دزئي، رجل الأعمال الكردي الشهير الذي توفي في هذه الهجمات مع عدد من أفراد عائلته بينهم طفل صغير، بالإضافة إلى كرم ميخائيل، رجل أعمال آخر قُتل في هجوم الحرس الثوري الإيراني على المنزل المذكور.

 

الادعاء الآخر جاء في بيان الحرس الثوري الثاني حول ضرب تنظيم "داعش" في إدلب في سوريا بتهمة تورطه بهجوم كرمان، لكن في نفس الوقت ذكر البيان أن القصف استهدف جماعتي "فتح الشام" الحزب التركستاني، ولم يشر أي تقرير عن حجم الخسائر البشرية والأضرار.

 

كما لم تتخذ جماعة "فتح الشام" موقفا بهذا الخصوص. لكن ما يكشف تناقض بيانات الحرس الثوري بشكل واضح هو ادعاء ضرب مواقع لـ"داعش" في محافظة إدلب السورية لكن التنظيم غير متواجد هناك أساسا بسبب خلافاته الدموية مع "فتح الشام" التي بالرغم من أنها جماعة متطرفة وهي تحالف "جبهة النصرة" مع عدة جماعات "جهادية" صغيرة، لم تعلن عن أي صراع مع إيران ولا مع قوات الحرس الثوري داخل سوريا ولا مشاركتها في هجمات داخل إيران.

 

ومن المثير للاهتمام أن الحرس الثوري لم يجعل تنظيم "داعش خراسان"، الذي أعلن مسؤوليته عن العمليات الإرهابية في كرمان، هدفاً لـ "العمليات الانتقامية"، ويبدو أن الخشية من ردة فعل طالبان في أفغانستان كانت السبب في تجنبها واختيار جماعات بشمال سوريا كأهداف انتقامية مزعومة.

 

وبدل ذلك، استهدف الحرس الثوري بالصواريخ والمسيرات موقعين قال إنهما مقرات جماعة "جيش العدل" البلوشي المعارض على الحدود الباكستانية، ما أدى إلى الرد الباكستاني الأخير بغارات جوية في العمق الإيراني.

 

بعدان داخلي وخارجي

إلى ذلك يرى مراقبون للشأن الإيراني أن هذه الهجمات هي أولا ذات بعد داخلي يتمثل في محاولة للتغطية على الضعف الأمني الهيكلي والاختراقات في أعلى مستويات الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية والتي لم يخف العديد من المسؤولين حقيقة ذلك.

 

أما البعد الثاني وهو خارجي فيدور حول شعار "الانتقام العنيف" من أميركا وإسرائيل وهدفه استعراض قوة وإرسال رسائل بأن طهران لديها صواريخ تصل مدياتها إلى أهداف بعيدة لكنها استخدمتها هذه المرة ضد خصومها المحليين دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن أو تل أبيب.