هناك دلائل على أن تضخم أسعار المواد الغذائية الذي ساد العالم خلال العام الماضي، ورفع أسعار كل شيء من الجبن المبشور إلى زبدة الفول السوداني، على وشك أن يزداد سوءاً.
أدت جائحة كورونا إلى قلب سلاسل الإمداد الغذائي، وشل حركة الشحن، ومرض العمال الذين يحافظون على تغذية العالم، وفي النهاية رفع تكاليف البقالة الاستهلاكية حول العالم العام الماضي إلى مزيد من الضغوط على المزارعين، خاصة أولئك الذين يربون الماشية والدواجن، بسبب ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا إلى أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية.نت".
مع ارتفاع تكلفة إطعام قطعان الماشية والدواجن بنسبة 30% أو أكثر، يحاول المنتجون البقاء مربحين، عبر زيادة الأسعار.
وكانت آخر مرة فيها الحبوب باهظة الثمن بعد جفاف الولايات المتحدة عام 2012، وشهدت أسعار اللحوم ارتفاعاً كبيراً. الآن، تستعد اللحوم مرة أخرى لأن تصبح محركاً لتضخم الغذاء العالمي، وجزءاً من الجدل المكثف حول مسار التضخم الكلي وما يجب على البنوك المركزية وصانعي السياسات فعله لمساعدة الاقتصادات التي لا تزال تعمل على التعافي من الوباء.
التطعيمات التي تعد بالعودة إلى الحياة الطبيعية وبرامج التحفيز المالي التي تصل إلى تريليونات الدولارات من المتوقع بالفعل أن تطلق العنان للطلب المكبوت وتؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك.
ترسل أسواق السندات الأميركية والأوروبية إشارات إلى عودة التضخم، حيث ارتفعت توقعات التضخم الأميركي لعام واحد الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى منذ 2014.
الدافع وراء أسعار الأعلاف
قاد سوء الأحوال الجوية للمحاصيل، زيادة أسعار الأعلاف مع تقلص الإنتاج العالمي، فضلاً عن الطلب المتزايد بشكل خاص من الصين -أكبر مشتر للسلع- حيث تقوم بتجميع كميات قياسية من الإمدادات المتاحة لإطعام قطعان الخنازير المتزايدة.
يشعر منتجو اللحوم عبر البلدان المصدرة الرئيسية بتأثير ارتفاع تكاليف الحبوب. ففي البرازيل، أكبر منتج للدواجن، قفزت تكلفة تربية الدجاج بنسبة 39% العام الماضي بسبب الأعلاف، وفقاً لوكالة Embrapa، وهي وكالة أبحاث زراعية مملوكة للدولة. وقال بنك إيتاو، إن التكاليف ارتفعت مرة أخرى الشهر الماضي بنحو 6%.
في أوروبا، تراجعت ربحية تربية الثروة الحيوانية بسبب مزيج من ارتفاع نفقات العلف والطلب الخانق من عمليات الإغلاق بسبب وباء كوفيد-19، وقد يضطر بعض صغار مزارعي الخنازير إلى الخروج من السوق، وفقاً لما ذكره تشينجون بان كبير محللي رابوبانك.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن أسعار اللحوم العالمية في يناير ارتفعت للشهر الرابع على التوالي.
منذ 1 ديسمبر، ارتفعت العقود الآجلة للذرة في شيكاغو بنسبة 28% وفول الصويا بنسبة 18%.
يمكن أن يؤدي تفشي الأمراض الحيوانية أيضاً إلى ارتفاع أسعار اللحوم، حيث تشهد أجزاء من أوروبا وآسيا تفشي إنفلونزا الطيور. لا يزال فيروس الخنازير القاتل المسمى حمى الخنازير الأفريقية ينتشر في بعض البلدان بعد القضاء على القطعان الصينية، وتسبب مؤخراً في خروج شركة خنازير فلبينية من الصناعة.
تقلص القطعان
ترتفع أسعار اللحوم في محلات البقالة بالتجزئة بشكل أكبر بعد أن قلص المزارعون قطعانهم بسبب انخفاض الأرباح. قال ويل سوير، اقتصادي البروتين الحيواني في بنك المزرعة CoBank ACB، إن هذه عملية تستغرق وقتاً، مما يعني أن هناك فجوة بين تضخم تكلفة العلف وارتفاع أسعار المستهلك.
في الولايات المتحدة، بدأت عمليات تربية الماشية والدواجن بالفعل في الانكماش بسبب الأرباح الضئيلة وسط الوباء.