على أثر طرح المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة باليمن والتوصل لحل سياسي هناك، فإن السؤال الذي يتبادر للذهن هو هل يقبل الإيرانيون بهذه المبادرة، وليس الحوثيون؟ خصوصاً أن المبادرة السعودية ليست الأولى في اليمن بالطبع.
المبادرة السعودية باليمن، التي تنص على وقف شامل لإطلاق النار تحت رقابة أممية، وإيداع إيرادات ميناء الحديدة في حساب مشترك للبنك المركزي اليمني، فرع الحديدة، بناء على «اتفاق استوكهولم».
كما دعت المبادرة كافة الأطراف اليمنية، بمن فيهم الحوثيون، إلى قبولها وتغليب مصلحة الشعب اليمني، ونصت أيضاً على فتح مطار صنعاء الدولي، وبدء مشاورات سياسية برعاية الأمم المتحدة بناءً على المرجعيات الثلاث.
هذه المبادرة، وكما هو معروف، ليست الأولى كون السعودية لا تلعب لعبة تسجيل نقاط، بل إنها حريصة على وحدة اليمن، وحقن دماء اليمنيين، وسجل السعودية في ذلك، خصوصاً في يمن ما بعد 2011 واضح.
إلا أن الطرف الآخر باليمن، وهو الإيراني المخرب، ليس من مصلحته إنهاء الأزمة في اليمن، أو سلامة أراضيه، وحقن دماء شعبه، كون أن الهدف الإيراني باليمن هو لتعزيز موقف طهران بالتفاوض على الملف النووي، وزعزعة استقرار السعودية.
نعم السؤال هنا هو هل تقبل إيران بالمبادرة السعودية كون طهران تملك مفاتيح الحوثي، والإجابة معروفة سلفاً، حيث لا حرص إيراني لا على اليمن، ولا لبنان، ولا العراق، ولا سوريا، أو فلسطين، فكل تلك الدول بالنسبة لإيران مجرد أوراق تفاوضية.
وعليه ففي حال رفض إيران، عبر الحوثي، المبادرة السعودية، التي تقول إن اليمن لليمنيين، وما عليهم إلا ترتيب أوراق بيتهم الداخلي، تصبح الكرة الآن ليست في الملعب الإيراني، بل على العكس تماماً.
الكرة الآن باتت في الملعب الدولي، أممياً، وكذلك أوروبا والولايات المتحدة، حيث بات واضحاً للعيان من هو الطرف المخرب، والمدمر، أي إيران، ومن هو الطرف الساعي للسلم، والاستقرار، أي السعودية.
بالنسبة للحوثيين، فإن الحرب أسهل من السلام، حيث لا لعب سياسة، ولا احترام قوانين، وأنظمة، ولا مشاركة في الحكم، ولا جهود بناء واستقرار، فتلك الجماعات لم تمارس عمل الدولة قط.
وبالنسبة لإيران، فإن استقرار اليمن يعد استقراراً للحدود السعودية، وهذا ما لا تريده إيران في اليمن، وكذلك العراق، الدولة الحدودية للسعودية، ولذا فإن الكرة الآن باتت في الملعب الدولي الذي عليه أن يتصرف بجدية هذه المرة.
استهداف الحوثيين، وعبر إيران، للمنشآت النفطية السعودية، هو اعتداء على الاقتصاد الدولي، كما أن استمرار الحوثيين في السيطرة على صنعاء وتدمير مفهوم المؤسسات هناك يعني أن الإرهاب باقٍ، وسيتمدد في اليمن، ولسنوات وسنوات.
وبالتالي فلا بد من موقف أميركي أوروبي حقيقي تجاه الدور الإيراني التخريبي في اليمن، من عقوبات، وأكثر، ويجب عدم الانتظار حتى بدء المفاوضات حول الملف النووي، بل يجب مواصلة فرض العقوبات الصارمة على إيران الآن.
وذلك ليس بسبب محاولة تخريب المبادرة السعودية وحسب، بل وبسبب دعم إيران للحوثيين لاستهداف الاقتصاد العالمي عبر استهداف المنشآت السعودية ومواصلة تدمير اليمن.