في البداية قامت الرابطة الوطنية لكرة السلة في الولايات المتحدة بتأجيل الموسم الحالي من الدوري الأميركي للمحترفين، وليس هناك في الأفق أي قرارات لحدوث استئناف فوري، وتم إغلاق مسرح برودواي، إلى جانب وسائل الترفيه العامة الأخرى في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك متنزهات ديزني لاند.
وأرى أن اتخاذ هذه القرارات كان أمراً حكيماً حتى وإن كانت متأخرة، ومع ذلك فإن هناك سؤالاً مهماً مطروحاً الآن: إذا كان الناس بحاجة إلى الطعام والترفيه، فأين سيجد الأميركيون الترفيه اليوم؟ وما وسائل الترفيه التي يمكنها أن تلهي الناس عن الفيروس؟
الرد الواضح على هذا السؤال هو الإنترنت، وذلك بالنسبة للأجيال الشابة بشكل خاص، فهناك كثير من وسائل الترفيه التي يمكن العثور عليها هناك، فقد بات قطاع الألعاب الإلكترونية، يحقق الآن مكاسب أكبر من الناحية الاقتصادية من مبيعات الأفلام والموسيقى مجتمعة.
ومع ذلك، فإنه لا يزال معظم السكان لا يستخدمون مثل هذه الألعاب كوسيلة للترفيه، ورغم أن كثيراً من الناس قد يحبون قضاء بعض الوقت على صفحاتهم على موقع «فيسبوك»، فإنهم لا يعتبرون الإنترنت مصدراً حقيقياً للترفيه. ونظراً للوجود القسري بالمنزل في هذه الفترة والإحباطات التي نشعر بها بسبب هذا الأمر، فإن كثيراً منا سيبدأ في إعادة مشاهدة بعض أفلامنا أو سماع موسيقانا المفضلة، وهو ما سيشعرنا بالملل أيضاً بعد بضعة أيام، فنحن البشر نتوق دائماً إلى الأحدث.
ويحدوني أمل شخصي في أن يبدأ الناس في القراءة بصوت عالٍ بعضهم لبعض، فصحيح أن الكتب المسموعة يمكن أن توفر نسخة أكثر خصوصية للأفراد من هذه التجربة، لكنها لا تزال تبدو غير كافية للتغلب على ملل الناس في هذه الفترة.
ومن المفيد الرجوع إلى أيام الحرب العالمية الثانية، حينما لعبت حكومة الولايات المتحدة دوراً حاسماً في تشجيع هوليوود على صناعة أفلام مبهجة، وساعدت أيضاً من خلال عدم محاولة إجبار كل الممثلين على الانضمام إلى القوات المسلحة، وواصلت وسائل الترفيه في ذلك العصر، وذلك لإلهاء الناس عن مخاوف الحرب، فصحيح كانت هناك بدائل كافية أمام الناس، حيث أدركت الحكومة أن دراما زمن الحرب لا يمكن أن تكون هي الدراما الوحيدة المتاحة للناس.
ومع انتشار فيروس كورونا المستجد، فإن الهدف الآن قد بات هو إبقاء الناس في المنازل، وذلك على الأقل في حال لم يكونوا عمالاً أساسيين، ولكن إذا كان البقاء في المنزل أمراً مملاً للغاية، فإن الفيروس هو من سيتولى زمام الأمور، حيث سيهرب الناس إلى التجمعات الاجتماعية في الوقت الذي يتعين فيه عليهم البقاء في المنازل، ولذا يعد حل مشكلة الترفيه جزءاً حقيقياً للغاية من اللغز لتقليل آثار هذا الفيروس، ولإبقاء الأميركيين ليس فقط في حالة معنوية جيدة ولكن بصحة جيدة أيضاً.
وأسوأ سيناريو هو أن يصبح فيروس كورونا نفسه هو مصدر الترفيه الرئيسي لدينا، حيث يمكن أن يصبح حينها بمثابة عرض رعب مستمر يدفعنا إلى الجنون ويجعل الناس أكثر تشاؤماً بشأن السياسة.
ولتجنب مثل هذا المزيج من الإحباط والرعب، فأنا لديّ اقتراح متواضع، وهو أنه يجب أن نعيد هيكلة بعض وسائل الترفيه التقليدية لدينا لتكون آمنة من فيروس كورونا المستجد، حيث يمكن إبقاء الناس في المنازل، مع ربطهم أيضاً معاً بروابط التراحم والشعور الإيجابي، وإذا كانت الأوبئة تجعلنا أنانيين ومتوحشين، فإن الترفيه العام قد يساعد في تعديل حالتنا المزاجية.
تخيلوا أن نقوم بإعادة استخدام بعض الحدائق العامة وجعلها دور سينما ليلية بالسيارات، وبالتأكيد ستتاح التذاكر فقط عبر الإنترنت، فحينها سيكون الأمر بمثابة طريقة جديدة للخروج من المنزل والمشاركة المجتمعية، ويمكن عرض الأفلام التي تبث التفاؤل، مع عرض بعض الأعمال الدرامية لأولئك الذين يبحثون عن مشاهدة أشياء أكثر جدية.
أو ماذا عن استمرار بعض نسخ نهائيات الدوري الأميركي لكرة السلة، حيث يمكننا أخذ مجموعة منتقاة من أفضل الفرق المؤهلة، واختبار كل اللاعبين للتأكد من عدم الإصابة بفيروس كورونا، وعزلهم في منطقة نائية متاح فيها صالة ألعاب، ثم يقوم هؤلاء اللاعبون بالمضي قدماً في لعب نسخة مختصرة من الدوري الحقيقي أمام طاقم عمل للعرض في التلفزيون فقط، وفي ظل إغلاق كثير من وسائل الترفيه الأخرى، فإنه من المحتمل أن تصل نسبة مشاهدة هذه المباريات في التلفزيون إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وسيكون هناك شعور درامي بشكل لا يصدق، ما سيؤثر على الحالة النفسية للمتابعين.
وأتوقع أن يأتي المتخصصون في مجال الترفيه بأفكار أفضل، فصحيح أنه من الضروري إعطاء الأولوية للمشاكل الطبية والاقتصادية والسياسية والدولية التي تنتج عن هذا الوباء، ولكن في وسط هذا الاندفاع، فإنه يجب أن نتذكر حكمة الحكومة الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية والتأكد من أن يكون الترفيه جزءاً من الحل أيضاً.