تواصل قوى الإرهاب برعاية إيران زعزعة دول المنطقة واستهدافها، بينما يكتفي المجتمع الدولي بالإدانة والاستنكار. يحدث ذلك كلما استهدف الإرهابيون الحوثيون المدن السعودية، ودولاً أخرى.
خذ مثلاً تصريح نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، حيث يقول: «ندين الهجمات الحوثية المعقدة هذا الأسبوع ضد السعودية. المجتمع الدولي ملتزم بإنهاء الصراع في اليمن. وندعو جميع الأطراف إلى الاتفاق على التقيد الصارم بوقف إطلاق النار والانخراط في محادثات سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة»!
ما معنى ذلك، وما تأثيره؟ وهذا ليس التصريح الأول لوزارة رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، وما معنى دعوة جميع الأطراف للاتفاق على التقيد الصارم بوقف إطلاق النار والانخراط في محادثات سلام بقيادة أممية؟
أولم تطرح السعودية مبادرة رفضها الحوثيون؟ أوليس السعودية متوقفة، ومنذ فترة طويلة، عن الأعمال الهجومية، وملتزمة بحق الدفاع عن النفس، بينما يكثّف الحوثيون هجومهم منذ وصول الإدارة الأميركية الحالية؟
والقصة ليست السعودية والحوثيين، خذ مثلاً آخر صارخاً، وهو ردود الفعل الدولية على استهداف مطار أربيل. فهل أربيل طرف بالأزمة اليمنية مثلاً؟ القصة الحقيقية هي استمرار الإرهاب الإيراني لا غير.
وخذ لبنان كمثال صارخ لدولة توشك على الانهيار، بينما الحديث منصب على فساد الساسة هناك، فهل يستطيع رجل دولة العمل في لبنان؟ مَن قتل رفيق الحريري؟ وهل كان الحريري زعيم ميليشيا؟ بالطبع لا، بل رجل دولة، ولذلك قتل.
وعليه، ماذا بعد الإدانات التي لم تردع أحداً؟ سألت مبعوثاً أممياً سابقاً عن المواقف الغربية العوجاء فقال: «الغرب في حالة عجز وترهل نتيجة أن المعادلة مختلفة تماماً»، موضحاً: «أنت أمام فريقين؛ المجتمع الدولي، ورعاة الفوضى».
وأضاف: «بمقدور رعاة الفوضى إرسال ميليشيات، وطائرات، وأسلحة بجرة قلم، بينما الغرب بحاجة إلى موافقة برلمانية للتحرك، أو إرسال أسلحة وقوات، هذا عدا عن العجز الاقتصادي، والتباين بين الأحزاب التي تخضع لضغوط جماعات همها الشعارات، لا الحقائق على الأرض».
ويقول لي دبلوماسي عربي مخضرم: «العالم لا يعيش الآن بزمن واحد، بل بين زمنين. الغرب والديمقراطيات تعيش زمن ما بعد الحداثة، حيث إن المفاوضات هي أهم طريقة لحل الأزمات، بينما منطقتنا تعيش زمن تكوين الدول والتوسع والإمبراطوريات، واستخدام القوة للتوسع. منطقتنا تعيش زمن ما قبل مائتين أو ثلاثمائة عام».
وأضاف: «الغرب، ومنذ عشرين عاماً، ينظر لأزمات منطقتنا على أنها منطقة صراع منخفض الحدة، كون أن الصراعات الحقيقية هي الصراعات النووية». والحقيقة أنه منذ عشرين عاماً والإرهاب يعصف بمنطقتنا، والعالم، وبرعاية إيرانية دمرت نسيج اليمن، وعمّقت طائفية لبنان وتدفعه للسقوط الوشيك، ولا تسمح للعراق بالنهوض، وحطمت سوريا كماضٍ وحاضر ومستقبل.
وكل ذلك يعني أن نار حريق المنطقة ستطول الغرب كما طالتها نار «القاعدة» و«داعش»، بسبب زعزعة إيران لأمن المنطقة. ولذا فإن الإدانة لا تردع، ولا تحقق استقراراً، كوننا بين فريقين؛ أحدهما يحمل السلاح، ويستهدف الدول، وفريق آخر يعتقد أن الحديث من خلف الميكرفونات، وأمام الكاميرات سيحدث تغييراً.
هذا عبث بالأمس، واليوم، وغداً.