رصد رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية تحولا مثيرا للقلق في بحيرة تانا، إحدى أهم بحيرات المياه العذبة في إفريقيا، حيث تتحول مياهها من اللون الأزرق الكريستالي إلى الأخضر الطحلبي المخيف، في ظاهرة يمكن ملاحظتها من الفضاء.
تقع بحيرة تانا في مرتفعات إثيوبيا، وتعتبر مصدر النيل الأزرق وركيزة ثقافية وبيئية لملايين الأشخاص.
وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن التغير اللوني ليس مجرد مسألة جمالية، بل هو مؤشّر على نظام بيئي يعاني ضغوطا شديدة بسبب النشاط البشري والتغيرات المناخية.
وتبرز أسباب التحول في توسع الزراعة، وتصريف مياه الصرف غير المعالج، وانتشار النباتات الغازية، التي تعمل معا على تغيير توازن البحيرة.
ووفق دراسة أجراها فريق بقيادة الباحث بيكالوا أسريس من جامعة ديبري ماركوس، ارتفعت مستويات الكلوروفيل في البحيرة ثمانية أضعاف بين عامي 2003 و2020، نتيجة الجريان الزراعي من الأراضي المحيطة، وفقا لـ dailygalaxy.
وأضاف أسريس أن مصبات الأنهار الرئيسية مثل جيلجل أباي، جومارا، ريّب وميغيش، أظهرت أعلى تركيزات للكلوروفيل، مؤكّدا أن النشاط الزراعي المكثف والتصريف الحضري في مدينة بحير دار، على الطرف الجنوبي للبحيرة، يفاقم هذه الظاهرة، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين المذاب وتدهور جودة المياه.
كما يزداد التهديد البيئي مع انتشار نبات زنبق الماء (Eichhornia crassipes) الذي يغطي عشرات آلاف الهكتارات، مانعا الضوء ومؤثرا على دور البحيرة الطبيعي في تنقية المياه.
ويؤثر هذا الانتشار على صيد الأسماك والملاحة والاقتصاد المحلي، حيث يضطر الصيادون والمزارعون إلى إزالة النبات يدويا، بينما تقلصت معدلات الصيد وأصبح الأمن الغذائي مهددا في بعض المناطق.
ولا يقتصر تأثير التحولات على الجانب البيئي، بل يمتد إلى التراث الثقافي، فجزيرة داغا، التي تضم دير داغا إستيفانوس، موطن مومياوات أباطرة إثيوبيا، وجزر ديك المزروعة بالمانجو والذرة والقهوة، أصبحت محاطة بمياه خضراء باهتة، ما يعيق الوصول إلى مواقعها التراثية ويؤثر على الحياة الثقافية للسكان المحليين.
وحذر العلماء من أن تدهور جودة وكمية المياه الخارجة من بحيرة تانا قد يمتد تأثيره إلى السودان ومصر، معتبرين أن هذه التحولات مؤشر على نقطة تحول بيئية خطيرة قد تهدد نظم المياه العذبة في شرق إفريقيا.
وتشير هذه الظاهرة إلى الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية لحماية البحيرة، من خلال معالجة مياه الصرف، والتحكم في التدفق الزراعي، ومكافحة النباتات الغازية، لضمان الحفاظ على البيئة والموروث الثقافي الذي تعكسه بحيرة تانا منذ قرون.