مع توليه زمام الأمور بألمانيا وتخلصه من المستشار أوتو فون بسمارك، اتجه الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني لاعتماد سياسة توسعية خطط من خلالها للحصول على مزيد من المستعمرات والتدخل بشكل أكبر بالشؤون العالمية. وأملا في تحقيق ذلك، مرر الإمبراطور الألماني أواخر القرن التاسع عشر جملة من القوانين التي أتاحت لألمانيا إنتاج عدد كبير من القطع الحربية البحرية وتسببت في الوقت ذاته في نشوب سباق تسلح بحري مع بريطانيا التي اتجهت بدورها لتكثيف عملية بناء السفن الحربية.
ومن ضمن القطع الحربية البحرية التي أنتجتها بريطانيا حينها، يذكر التاريخ البارجة إتش أم أس بولوارك (HMS Bulwark) التي مثلت واحدة من أضخم وأقوى السفن البريطانية حينها. وفي الأثناء، عرفت هذه السفينة نهاية غريبة دون أن تشارك بأية معركة.

صورة للسفينة بولوارك
دخول بولوارك الخدمة
تعد البارجة بولوارك واحدة من خمس بوارج حربية من فئة لندن طالبت البحرية البريطانية بالحصول عليها للحفاظ على هيمنتها وتفوقها البحري. وبتكلفة قاربت المليون جنيه إسترليني، باشرت بريطانيا سنة 1899 ببناء البارجة بولوارك بحوض بناء السفن ديفنبورت (Devonport) ببليموث (Plymouth).

صورة للإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني
وبحلول مارس (آذار) 1902، اكتملت أشغال بناء البارجة بولوارك. وفي نفس الشهر، دخلت الأخيرة الخدمة بالبحرية البريطانية. وحسب التصاميم، بلغ وزن هذه البارجة أكثر من 15 ألف طن بينما قدر طولها بحوالي 131 مترا. وقد زودت بولوارك بمحركات سمحت لها بالإبحار بسرعة 18 عقدة. ومن ناحية التسليح، امتلكت بولوارك 4 مدافع عيار 305 ملم و12 مدفعا عيار 152 ملم و16 مدفعا عيار 76 ملم و6 مدافع عيار 47 ملم، كما زودت في الوقت ذاته بأربعة قاذفات طربيدات عيار 450 ملم.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، تواجدت بولوارك ضمن قائمة السفن الأساسية بالأسطول البريطاني. ومنذ البداية، كلفت الأخيرة، رفقة عدد كبير من السفن الأخرى، بمهمة تأمين بحر المانش لضمان مرور سفن الشحن البريطانية التي نقلت الجنود والعتاد نحو الجبهة الفرنسية.
خطأ تسبب بمقتل المئات
وفي حدود الساعة السابعة وخمسين دقيقة صباح يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1914، اهتزت مدينة شيرنيس (Sheerness) البريطانية على وقع انفجار هائل دمر البارجة بولوارك وحولها إلى كومة حطام بلحظات. وفي الأثناء، أسفر هذا الحادث عن مقتل 741 فردا من طاقم البارجة بينما لم ينجُ سوى عدد ضئيل جدا، نحو 12 شخصا فقط، ممن تواجدوا على متنها. وبسبب ذلك، خسر البريطانيون السفينة بولوارك، التي لم تشارك بأية معركة بحرية، ضمن ما وصف بواحدة من أسوأ الكوارث البحرية بتاريخ البحرية البريطانية.

صورة تجسد انفجار بولوارك عام 1914
وخلال الفترة التالية، أجريت العديد من التحقيقات لتحديد أسباب هذه الكارثة. وحسب أغلب النتائج التي تم التوصل إليها، رجح المحققون قيام طاقم السفينة بخطأ بديهي عمدوا من خلاله إلى تخزين كميات كبيرة من الذخيرة بالقرب من حجرة النار، حجرة المرجل، بالسفينة.
وبسبب الحرارة المرتفعة، انفجرت مادة الكورديت (Cordite)، التي مثلت المادة الدافعة بالقذائف، وتسببت في خراب البارجة بولوارك ومقتل المئات من طاقمها.