شكّل اغتيال إسرائيل لزعيم حركة حماس يحيى السنوار ضربة كبيرة للحركة، إذ يقول محللون إن غيابه يترك فراغاً كبيراً في قيادتها رغم تعهدها، الجمعة، بمواصلة القتال.
ويُعتبر السنوار الرأس المدبّر لهجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 الذي أدى إلى اندلاع حرب غزة. وبات رئيس المكتب السياسي للحركة في أغسطس الماضي بعد أيام من مقتل سلفه إسماعيل هنية في طهران جراء ضربة نُسبت إلى إسرائيل.
وفي حين أشادت إسرائيل بمقتل السنوار باعتباره انتصاراً كبيراً، يقول المحللون إن إرثه قد يشكل "مصدر إلهام" لجيل جديد من الفلسطينيين عايش تداعيات الحرب المدمّرة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة.
في ما يأتي لمحة عما ينتظر حماس في المرحلة المقبلة.
ما مدى تأثير مقتل السنوار على الحركة؟
نعت حماس، الخميس، بلسان عضو مكتبها السياسي خليل الحية، زعيمها يحيى السنوار، معتبرةً أن قتل القادة سيزيدها "قوة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم".
وقال المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط لدى جامعة "كينغز كولدج" في لندن أندرياس كريغ، في حديث مع وكالة "فرانس برس"، إن مقتل السنوار ليس مجرد "حدث رمزي الى حد بعيد"، إنما يخلّف "فراغاً قيادياً في هذه الحركة المتفرعة للغاية".
ويأتي مقتل السنوار بعد أقل من ثلاثة أشهر من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو. واتّهمت حماس وإيران إسرائيل بالعملية لكن الأخيرة لم تعلّق على الأمر.
وأوضح كريغ أن خلافات وقعت سابقاً بين القيادة السياسية لحماس الموجودة في قطر، والجناحين العسكري والعملياتي في غزة.
وفي الأول من أغسطس، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، محمد الضيف قُتل بضربة جوية في خان يونس بجنوب القطاع في 13 يوليو. ولم تؤكد حماس ذلك.
ولفت كريغ إلى أن "خلايا مختلفة من حماس ستواصل القتال، ولكن في قلب الحركة هناك فراغ، وهذا سيجعل التنسيق صعباً للغاية".
من جهته، رأى الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة جيمس دورسي، أن السنوار كان شخصية "استثنائية" في حماس تتمتع "بتأييد كبير داخل الحركة من الجناحين السياسي والعسكري".
من قد يخلف السنوار؟
بعد مقتل هنية، برز اسم السنوار بين الأسماء المرشحة لقيادة الحركة والتي ضمّت معتدلين نسبياً مقيمين خارج غزة مثل موسى أبو مرزوق، المستشار والمفاوض الذي يُنظر إليه على أنه مقرّب من هنية.
وقال دورسي إن مسؤولي حماس الآخرين الموجودين في الخارج، مثل خليل الحية المقيم في قطر والمقرب من السنوار والمفاوض الرئيسي في محادثات الهدنة غير المجدية، يمكن أن تُطرح أسماؤهم مرة جديدة لتولي المنصب الأعلى في الحركة.
وأشار إلى أن من بين هذه الأسماء خالد مشعل الذي تزعم الحركة من 1996 حتى عام 2017 عندما حلّ محله هنية.
ويُنظر إلى اختيار السنوار في أغسطس على رأس المكتب السياسي للحركة بدلاً من أحد أعضاء جناحها السياسي، باعتباره إعادة توجيه الحركة نحو العمل المسلّح مع التركيز على حرب غزة.
وقال كريغ "إن الزعيم المقبل سيكون حتماً شخصية من المستوى العملياتي".
وفي حال توجهت الحركة نحو اختيار قائد ميداني لرئاستها، فإن اسماً واحداً يبرز باعتباره الأوفر حظاً هو محمد السنوار، الشقيق الأصغر ليحيى السنوار.
وأوضح كريغ أن محمد "لا يتمتع بكاريزما القائد التي كان يتمتع بها يحيى، لكن لديه سمعة طيبة.. كمقاتل ومناضل".
هل يمكن لحماس أن تتعافى؟
في كلمة متلفزة شديدة اللهجة، أكد خليل الحية أن قتل السنوار "وكل القادة ورموز الحركة الذين سبقوه لن يزيد حركتنا ومقاومتنا إلا قوة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم".
ورأى كريغ أنه على الرغم من "الهزيمة التكتيكية والعملياتية" التي لحقت بحماس نتيجة مقتل زعيمها، فإن غيابه "لن يغير وجه المقاومة المسلحة ضد إسرائيل داخل غزة".
من جهته، أكد دورسي أن حماس "أثبتت من حيث المبدأ قدرتها على الصمود"، مذكراً بأن تاريخ حماس يطبعه "اغتيال إسرائيل لزعمائها. ويحيى السنوار ينضم إلى القائمة".
وقال إن إرث الزعيم الراحل سيكون مرتبطاً "بطبيعة الحال" بإرث هجوم السابع من أكتوبر 2023.
ورأى أن الحرب التي اندلعت نتيجة الهجوم قد تواصل تغذية صفوف حماس، لكن ذلك قد ينجم عن اليأس السائد في غزة بقدر ما ينجم عن تأثير يحيى السنوار.
ولاحظ دورسي أن "هذا جيل فقد كل الأمل، خصوصاً في غزة. إذا لم يكن لدى المرء أمل فلن يكون لديه أي شيء ولا مكان يذهب إليه، ولن يكون لديه ما يخسره".