سؤال ما إن يثار في أي مناسبة أو محفل حتى يغرق البريطانيون في التفكير والحيرة مما قد يتعرض له هذا التنوع الثقافي والحضاري والإثني والديني ، وما قد يتعرض له مناخ التسامح في بريطانيا والذي تتحدث عنه كمرجعية لا يطالها أي غبار من وجهة نظرهم .
التطورات التي أحدثها "البركست " ، أي الدعوة إلى الخروج من الاتحاد الأوربي ، توشك أن تحدث إختراقات في جدار السلم الإجتماعي الذي يجسده كل من هذا التنوع والتسامح ، وخاصة بعد أن قرر الناخب البريطاني أن يعاقب أكبر حزبين يتناوبان الحكم في بريطانيا من عقود طويلة ولم يعرف لهما منافس ،وهما حزب المحافظين الحاكم ( يمين الوسط) و حزب العمال المعارض ( اليسار -وسط) .
ففي الانتخابات إلى البرلمان الأوروبي التي جرت منذ ثلاثة أيام اكتسح حزب البركست اليميني المتشدد الجديد بقيادة نايجل فراج الداعية الأكبر للخروج من الاتحاد الاوربي فوراً وبأي ثمن وبدون اتفاق ، وهو موقف اليمين المتشدد الذي يعمل على أعاد تعبئة النزعة الشعبوبة في مواجهة التنوع الإثني والثقافي .
نتيجة الإنتخابات أحدثت دوياً كبيراً من حيث انعكاساتها على مسار الأحداث القادمة ، فقد حصل هذا الحزب المغمور على ٣٣٪ من أصوات الناخبين الى البرلمان الاوربي ، وحصل الليبراليون الديموقراطيون على ٢١٪ ،وحل العمال في المركز الثالث١٣٪ ، وحزب الخضر في المركز الرابع ١٢٪ ، وجاء ترتيب المحافظين الحاكم في المركز الخامس ٩٪ فقط.
طبعاً قد لا يعكس هذا التطور الهام تغييراً جوهرياً في معادلة الحكم والمعارضة التي استمرت عقوداً طريلة من غير تغيير إذا ما فهم الحزبان الرئيسيان رسالة الناخبين على نحو صحيح ، وقد ظهرت آثار ذلك على حزب العمال اليوم حيث أعلن زعيمه كوربن اعتراف حزبه بأنه ظل يراوح بين موقفين ، وأنه آن الأوان أن يحسم أمر العودة الى الشعب فيما تقرير طريقة الخروج باستفتاء آخر .
- الرسالتان الأقوى هما أن دائرة زعيم المعارضة جيرمي كوربن أخذها اليموقراطيين الليبراليين ، ودائرة زعيمة المحافظين ورئيسة الوزراء أخذها حزب البركست اليميني المتشدد .