في استمرار للتوتر المتصاعد بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي وتركيا على خلفية الملف الليبي وعمليات أنقرة في البحر المتوسط، أكد دبلوماسيون ومسؤولون في بروكسل، الأربعاء، قبيل اجتماع لوزراء دفاع دول الناتو أن تركيا تعرقل مساعي الاتحاد الأوروبي لتأمين مساعدة حلف شمال الأطلسي لعملية الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط (إيرني)، الرامية لفرض حظر أسلحة أممي على ليبيا التي مزقها الصراع.
كما شدد المجلس الأوروبي على ضرورة الاستمرار في تطبيق "مهمة إيريني" الأساسية، التي انطلقت في الأول من أبريل الماضي، والتي تكمن في تنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضه قرار الأمم المتحدة، عبر استخدام أصولها الجوية والبحرية و(اتصالاتها) بالأقمار الصناعية".
غير أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والتي توقفت محاولاتها للانضمام للاتحاد الأوروبي، رفضت سابقا أي اتهامات لها في هذا المجال.
وكان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعلن أمس الثلاثاء، أن الاتحاد والناتو "سيناقشان سبل تأسيس تعاون جديد بينهما لتنفيذ عملية المراقبة من منطلق مصالحنا المشتركة". وأضاف بوريل الذي من المقرر أن يشارك في مؤتمر عبر دائرة فيديو مع وزراء دفاع حلف الاطلسي: "آمل أن يتم إعداد اتفاقية التعاون هذه خلال الأيام المقبلة".
غير أن دبلوماسيين اثنين من "الناتو" أثارا شكوكا حول احتمال أن توافق تركيا على هكذا تعاون، لأن الحلف العسكري الذي يضم في عضويته ثلاثين دولة، قائم على الإجماع، ما يعني أن دعم الناتو لا يمكن ضمانه.
فرنسا و"تصرفات تركيا العدوانية"
إلى ذلك، أبدت فرنسا اليوم الأربعاء أيضا امتعاضها من التصرفات التركية، التي وصفتها بالعدوانية في المتوسط، داعية الحلف الأطلسي إلى التحرك من أجل صد تلك الأفعال.
وأعلنت وزارة الجيوش الفرنسية، في وقت يعقد وزراء الدفاع في دول الحلف اجتماعا الأربعاء عبر دائرة الفيديو المغلقة، أن سفينة فرنسية تشارك في مهمة للحلف الأطلسي في البحر المتوسط تعرضت مؤخرا لعمل "عدواني للغاية" من قبل زوارق تركية، منددة بمسألة "بالغة الخطورة" مع شريك أطلسي.
وأوضحت أن السفينة تعرضت لثلاث "ومضات لإشعاعات رادار" من أحد الزوارق التركية، معتبرة ذلك "عملا عدوانيا للغاية لا يمكن أن يكون من فعل حليف تجاه سفينة تابعة للحلف الأطلسي".
كما أضافت أن "هذه القضية خطيرة جدا، و لا يمكننا أن نقبل بأن يتصرف حليف على هذا النحو وأن يقوم بما قام به ضد سفينة لحلف شمال الأطلسي تحت قيادة الحلف تقوم بمهمة للحلف"، محذرة من أن وزيرة الجيوش فلورانس بارلي ستضع "النقاط على الحروف" خلال الاجتماع.
إلى ذلك، شددت الوزارة على أن "السفن التي تبحر بين تركيا ومصراتة أحيانا بمواكبة فرقاطات تركية لا تساهم في نزع فتيل الأزمة". ونددت بأن تكون تلك السفن الحربية التركية "تستخدم رموز الأطلسي" لتعرف عن نفسها خلال مهمات المواكبة هذه.
يذكر أن حدة التوتر بين باريس وأنقرة زادت في الأيام الماضية. فالاثنين دان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "الدعم العسكري المتزايد" لتركيا لحكومة الوفاق الليبية "في انتهاك مباشر لحظر الأمم المتحدة". وقبل ذلك، صعّدت باريس موقفها تجاه التدخلات التركية في ليبيا، واصفة إياها بـ"غير المقبولة" ومؤكدة أن "فرنسا لا يمكنها السماح بذلك"، وفق ما صدر عن الإليزيه.
في حين رفضت تركيا بشدة تلك الانتقادات متّهمة باريس بأنها "تعوق السلام" بمساندتها الفريق المقابل، في إشارة إلى الجيش الليبي.