كشف باحثون بمعهد الكيمياء العضوية والكيمياء الحيوية لأكاديمية العلوم التشيكية عن الآلية البيولوجية التي يُسبب بها الكحول تلف الحمض النووي (DNA)، ما قد يؤدي إلى تطور السرطان.
وأوضح العلماء، في دراسة نُشرت في مجلة Nature Portfolio Communications Biology، أن الكحول يتحوّل في الجسم إلى مركب سام يُعرف باسم الأسيتالديهايد، والذي يتفاعل مباشرة مع الحمض النووي، فيُحدث "تشابكاً" بين خيوطه. ويؤدي هذا التشابك إلى تعطيل عمليتي نسخ الجينات وانقسام الخلايا، ما يعرّض الخلية إما للموت أو للتحول إلى خلية سرطانية في حال تراكم التلف دون إصلاح.
وقد لاحظ الباحثون أن الجسم يمتلك آليات طبيعية لإصلاح هذا النوع من الضرر، أبرزها إنزيم يُدعى SLX4-XPF-ERCC1، الذي يعمل على استئصال الجزء المتضرر من الحمض النووي بدقة وبدء عملية الإصلاح. واتضح أن هذا النظام لا يتعامل مع آثار الكحول فحسب، بل يُصلح أيضاً الأضرار الناتجة عن العلاج الكيميائي والسموم الأخرى.
وأشارت الدراسة إلى أن فعالية هذه الآليات تختلف من شخص لآخر، وهو ما يفسّر لماذا يعاني بعض الأفراد من آثار صحية خطيرة حتى عند تناول كميات معتدلة من الكحول، بينما لا يظهر عند آخرين نفس التأثير. ولفت العلماء إلى أن هذه الظاهرة تُشبه ما يحدث لدى مرضى فقر دم فانكوني، وهو مرض وراثي نادر يفتقر فيه الجسم إلى القدرة على إصلاح الحمض النووي.
ودعمت تجارب أُجريت على الفئران هذه النتائج، حيث أدى ضعف آليتي إزالة سمية الأسيتالديهايد وإصلاح الحمض النووي معاً إلى اضطرابات حادة في إنتاج خلايا الدم وزيادة ملحوظة في تكوّن الأورام. بل إن الضرر وصل في بعض الحالات إلى الأجنة، عندما عجز جسم الأم عن التخلص من المركب السام بكفاءة.
وتؤكد الدراسة أن العلاقة بين الكحول والسرطان ليست مجرد ارتباط إحصائي، بل تقوم على آلية جزيئية موثّقة، ما يعزّز الحاجة إلى توعية أوسع حول مخاطر استهلاك الكحول، حتى بكميات معتدلة.
المصدر: science.mail.ru