تداولت الأوساط البولندية والأوروبية قضية بارزة مؤخرًا، بعد توجيه اتهامات رسمية إلى الناشط الروسي المنفي إيغور روغوف، البالغ من العمر 29 عامًا، بالتجسس لصالح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) والمشاركة في مخطط تخريبي لإرسال طرود مفخخة في أوروبا.
بدأت القضية بخلاف عائلي في سكن جامعي، لتصبح اليوم من أخطر ملفات التجسس منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
تعود القصة إلى أبريل 2023، حين أرسلت زوجة روغوف، إيرينا روغوفا، رسالة نصية إلى زميلهما الروسي المنفي في بولندا، دانيلا بوزانوف، تفيد بأن زوجها كان يرفع تقارير عن المنفيين الروس إلى جهاز الأمن الفيدرالي. ورغم محاولة الزوجين لاحقًا التقليل من شأن الرسالة واعتبارها "مزحة خلال خلاف عائلي"، انتشرت الشبهات في الأوساط المعارضة الروسية في أوروبا، قبل أن تتخذ القضية منحى جنائيًا بعد أكثر من عام.
في يوليو 2024، اكتشفت السلطات البولندية طردًا يحتوي على مواد متفجرة في مستودع بوسط البلاد، موجهًا إلى روغوف. في لائحة الاتهام، أفادت النيابة العامة بأن التحقيق في الطرد أظهر وجود تعاون بين روغوف وجهاز الأمن الروسي. كما ربطت التحقيقات بين القضية ومخطط روسي أوسع لإرسال طرود حارقة عبر شركات شحن أوروبية، وهو مخطط ارتبط بحرائق اندلعت في مراكز شحن في بريطانيا وألمانيا العام الماضي. يأتي هذا التطور في وقت تشير فيه أجهزة استخبارات أوروبية إلى أن روسيا كثفت استخدامها لعمليات "الحرب الهجينة" ضد دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية والطائرات المسيرة وأعمال التخريب.
على الرغم من خطورة الاتهامات، أبدى أصدقاء روغوف دهشتهم العميقة. أشار بعضهم إلى أنه ربما كان ساذجًا أو قابلًا للاستدراج، لكن فكرة تخطيطه لهجوم داخل بولندا بدت لهم "غير قابلة للتصديق". يؤكد رفاقه السابقون في منظمة "روسيا المفتوحة" المعارضة أن نشاطه السياسي لم يكن بارزًا، وأنه اشتهر فقط عام 2020 عندما ظهر على التلفزيون وهو يتعرض للضرب على يد قوات الأمن في بيلاروسيا.
بعد انتقاله إلى بولندا مع زوجته للحصول على منحة دراسية، بدا أنه يبتعد عن السياسة ويركز على حياته الجديدة. ومع ذلك، لاحظ بعض زملائه لاحقًا أنه كان يطلب المساعدة في تمرير مبالغ صغيرة من روسيا، وكان كثيرًا ما يشتكي من ضيق الحال ثم يسافر إلى الخارج، مما أثار تساؤلات حول مصدر دخله.
جاء التحول الكبير عندما أرسلت زوجته السابقة رسالة جماعية في أبريل 2023 تؤكد أنه جرى تجنيده في روسيا منذ سنوات، وأن نشاطه المعارض كان مجرد "غطاء". لاحقاً، أفادت بأنها تراجعت عن كلامها، لكن السلطات البولندية اتهمتها أيضًا بالتجسس وبمساعدة زوجها في تمرير معلومات للأمن الروسي.