شكلت القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة منعطفاً استثنائياً في سبل التعامل الإقليمي مع التحديات الأخيرة بالمنطقة؛ لا سيما بعد الاعتداء الأخير على قطر، لتتجاوز القمة الطابع الرمزي للاجتماعات التقليدية.
وتظهر كمنصة لتنسيق المواقف العربية والإسلامية على صعيد السياسات والأمن والدبلوماسية، مؤكدة أن حماية سيادة أي دولة عضو تمثل جزءاً أساسياً من الأمن القومي الجماعي، وأن أي تجاوز أو اعتداء لا يمكن أن يمر دون استجابة موحدة.
من منظور استراتيجي، أظهرت القمة تحولاً ملموساً في الخطاب السياسي العربي - الإسلامي، حيث صيغت الرسائل بشكل واضح لتبيان موقف موحد تجاه التحديات الإقليمية، مع التأكيد على أن الصمت أو التغاضي عن التجاوزات لن يكون مقبولاً.
كما عكست مخرجات القمة وبيانها الختامي إرادة لتعزيز أدوات الضغط السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، بالدعوة لمراجعة العلاقات مع إسرائيل، وبما يوضح جدية العمل العربي المشترك في مواجهة التهديدات، وإعادة ترتيب الأولويات الإقليمية بما يتوافق مع مصالح الأمن والاستقرار الجماعي.
يقول عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد فؤاد أنور لـ«البيان»، إن المنطقة تشهد تحولات ملحوظة في طريقة التعامل مع إسرائيل؛ إذ برزت في قمة الدوحة الأخيرة ملامح نهج جديد يقوم على تنسيق المواقف الأمنية والسياسية في مواجهة ما وُصف بـ«مغامرات وصلف حكومة نتنياهو».
هذا التنسيق لم يقتصر على الإطار العربي فقط، بل امتد إلى دول إسلامية، في حضور بحد ذاته حمل رسائل مباشرة للداخل الإسرائيلي. وهو ما عبّرت عنه كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وجه رسالة للإسرائيليين نبّه فيها إلى أن ما يجري يهدد أمنهم.
وإلى جانب ذلك، اكتسبت المشاورات الجانبية على هامش القمة زخماً خاصاً، مع أحاديث عن إجراءات عقابية مرتقبة ضد إسرائيل. غير أن مجرد انعقاد القمة بهذا الحجم من الحضور القيادي، يشكل رسالة قوية لإسرائيل، التي باتت تدرك أنها تواجه عزلة متزايدة وضغوطاً تتعدى الجانب السياسي لتشمل الأبعاد الأمنية والاقتصادية معاً.
وأظهرت القمة الاستجابة السريعة للتحديات، التي لم تقتصر على التنديد أو بيانات الشجب الرسمية، إنما تتطلب أساليب عمل أكثر صلابة وفاعلية، مع دعوات واسعة لتعزيز التضامن الجماعي، وترسيخ مفهوم الأمن المشترك.
منعطف استثنائي
من جانبه، يصف الباحث في العلاقات الدولية وتحليل السياسات العامة، أبو بكر الديب، قمة الدوحة بأنها «منعطف استثنائي» أظهر أن الموقف العربي والإسلامي ليس رهيناً للبيانات الرمزية، إنما يسير في إطار أكثر صلابة ووحدة، سواء في الخطاب أو في المخرجات، مضيفاً:
«جسدت القمة وحدة غير مسبوقة، فرغم التباينات بين الدول، أكدت أن أي اعتداء على دولة عربية أو إسلامية يُعتبر اعتداءً على الجميع».
ويشير إلى أن تغيير الخطاب السياسي كان بارزاً، حيث اتسم البيان الختامي والكلمات الرئيسية بالوضوح والصراحة في توصيف إسرائيل كـ«معتدية» و«مهددة للأمن والسلم»، مؤكداً أن القمة أبرزت الدور القطري، فبرغم محاولات الاستهداف، لم تفقد قطر مكانتها كوسيط محوري.
ويشير الديب كذلك إلى أن الملمح الاستراتيجي الأهم للقمة تمثل في ترسيخ مفهوم الأمن الجماعي، مع اتجاه مجلس التعاون الخليجي لعقد اجتماعات دفاعية عاجلة، وهو ما يعيد الاعتبار لفكرة الردع العربي – الإسلامي المشترك.