في عالم مليء بالضغوط اليومية والبحث عن الاسترخاء الفوري، قد تبدو "طقطقة الرقبة" أو لفها وسيلة سريعة لتخفيف التوتر، لكن ما لا يدركه الكثيرون أن هذه العادة الشائعة قد تؤدي إلى عواقب صحية وخيمة، تصل إلى حد السكتة الدماغية، فتحذيرات الأطباء تتزايد بشأن المخاطر المحتملة لهذه الممارسة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تمزق الشرايين الحيوية المغذية للدماغ.
في هذا السياق، سلط استشاريو المخ والأعصاب الضوء على المخاطر الخفية لأساليب العلاج غير الآمنة، مؤكدين أهمية الوعي والتثقيف بشأن سلامة العمود الفقري، ففي حديث الدكتور سعيد آل قانع استشاري المخ والأعصاب والسكته الدماغيه لـ"العربية.نت": تعتبر الجلطات الدماغية السبب الرئيسي الأول للإعاقة في العالم، والسبب الثالث عالميًا للوفاة، ولذلك من الضروري أخذ الاحتياطات والحذر ومعرفة أهم أسباب الجلطات الدماغية والوقاية منها، ومنها مرض ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وارتفاع الكوليسترول، والتدخين، وغير ذلك من أسباب الجلطات المعروفة. ولكن يبقى أحد الأسباب التي قد تؤدي، حسب بعض الملاحظات الطبية والدراسات العلمية، إلى حدوث جلطة دماغية حادة، وخصوصًا في فئة الشباب أو الأفراد أو المرضى الذين يعانون من آلام الرقبة المزمنة، وهو معالجة وتدليك منطقة الرقبة بشكل قوي، أو لف الرقبة بشكل سريع، أو ما يعرف بـ"طقطقة الرقبة" في صالونات الحلاقة، أو استعمال أجهزة التدليك تحت اهتزازات سريعة وقوية في منطقة الرقبة، حيث إن منطقة العمود الفقري العنقي التي تضم منطقة الرقبة، هي مكان حساس ومعقد يضم الشرايين الحيوية المغذية للدماغ، وهي الشرايين الفقرية والشرايين السباتية.
العمود الفقري
وقال آل قانع: تقوم هذه الشرايين بتزويد الدماغ بالدم، ويمكن أن يؤدي التلاعب بمنطقة العمود الفقري العنقي إلى إصابة وتهتك الشرايين، أو ما يعرف علميًا "بانسلاخ الشريان السباتي أو الفقري"، وهي حالة يحدث فيها تمزق في جدار الشريان، مما يؤدي إلى تكوين جلطة أو خثرة دموية. وإذا انتقلت الجلطة إلى الدماغ، فيمكن أن تسبب سكتة دماغية إقفارية حادة، تؤدي إلى فقدان تدفق الدم إلى أنسجة الدماغ أو جذع الدماغ، مما قد ينتج عنه غيبوبة تامة أو شلل نصفي حاد، أو في بعض الأحيان إلى الوفاة.
الدراسات الطبية
وأكد الدكتور آل قانع أن العديد من التقارير والدراسات الطبية وثقت حالات السكتة الدماغية بعد مساج الرقبة القوي أو "طقطقة الرقبة"، وتشير الأبحاث إلى أنه على الرغم من أن الخطر المطلق بالإصابة بالسكتة الدماغية بعد تدليك الرقبة منخفض، إلا أن الخطر النسبي كبير بما يكفي لتبرير الحذر، وأوضحت العديد من الحالات الطبية، وخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا، أنهم قد تعرضوا لسكتات دماغية بعد "تدليك أو طقطقة الرقبة"، وغالبًا ما يكون ذلك في بعض الأحيان بدون وجود أسباب مسبقة لأمراض الأوعية الدموية. وتوقيت حدوث السكتة الدماغية يحدث عادة بعد وقت قصير من علاج أو "طقطقة الرقبة" أو تدليك الرقبة العنيف، وهذا قد يشير إلى وجود ارتباط مباشر.. وتوصي الكثير من الجمعيات العالمية العلمية المختصة بأنه على الرغم من أن علاج أو تدليك وتقويم العمود الفقري آمن بشكل عام، وخصوصًا تحت إشراف معالج مختص.
سكتة دماغية
ويتابع آل قانع: أن هناك خطرًا ملحوظًا لاحتمالية حدوث سكتة دماغية، وتوصي بضرورة قيام المعالجين بتقويم العمود الفقري بإجراء تقييمات شاملة للمرضى، وتوخي الحذر عند التعامل مع منطقة الرقبة، خاصة في الأفراد الذين يعانون من عوامل الخطر الموجودة مسبقًا مثل ارتفاع ضغط الدم، أو المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي في الأوعية الدموية.
وختم حديثه: يجب على الأفراد توخي الحذر وتجنب استعمال أجهزة التدليك تحت اهتزازات سريعة وقوية لمنطقة الرقبة، وأيضًا عدم "طقطقة الرقبة" بشكل حاد، والتفكير في طرق العلاج البديلة للذين يعانون من آلام الرقبة، مثل التدليك اللطيف، أو الكمادات الساخنة، أو التمارين الخفيفة تحت إشراف مختص العلاج الطبيعي، خاصة للمرضى الذين يعانون من عوامل الخطر لمضاعفات الأوعية الدموية.