أسبوع مضى في إيران شهد عددا من الأحداث السياسية، أبرزها جملة "تسييس الحج واجب ديني" التي أكدها علي خامنئي مرشد نظام ولاية الفقيه المسيطر على حكم إيران منذ 40 عاما، وذلك لتحقيق مشروع بلاده الخبيث تجاه الفريضة المقدسة على مدار عقود.
ونشر الموقع الرسمي لخامنئي على شبكة الإنترنت نصا لخطابه الذي أدلى به أمام حشد من المسؤولين الإيرانيين المكلفين بإدارة بعثة حج طهران لهذا العام، داعيا في الوقت نفسه إلى العمل على تسييس فريضة الحج باعتبار هذا الأمر تكليفا شرعيا، على حد زعمه.
ورغم الجهود الجبارة التي تقدمها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن دون تمييز من جميع أنحاء العالم كل عام، اعتبر خامنئي أن الرياض لديها مسؤولية وصفها بـ"الثقيلة" تجاه تأمين الحجاج الإيرانيين والتعامل معهم بأسلوب جيد، بحسب قوله.
وفي دأب ليس بجديد على النظام الديني المثير للفوضى والقلاقل إقليميا ودوليا، زعم مرشد إيران المستحوذ على صلاحيات واسعة أن عدم تسييس الحج يعد من الأخطاء الكبيرة.
كتاب يعزل أكاديميا
وبعيدا عن المخططات الإقليمية الإيرانية المشبوهة، واصل نظام ولاية الفقيه قمعه الداخلي، وعلى إثر ضغوط من متشددين موالين للمرشد الإيراني علي خامنئي عزلت جامعة إيرانية رئيس إحدى كلياتها، بعد عقد مراسم طلابية لعرض كتاب يعود تأليفه لسجين سياسي راحل.
وأفاد الموقع الرسمي لجامعة العلامة طبطبائي، التي يرجع تاريخ تدشينها لمطلع ثمانينيات القرن الماضي، بأن حسين سليمي رئيس الجامعة أقال رئيس كلية الاقتصاد حسن طائي من منصبه.
ويأتي عزل الأكاديمي المتخصص في علم الاقتصاد حسن طائي من منصب رئاسة الكلية بجامعة طبطبائي، على خلفية انتقادات حادة من دوائر ضغط أصولية عبر منصات التواصل الاجتماعي منذ 12 يونيو/حزيران الجاري.
طائي لم يضع في مخيلته أن عقده مراسم طلابية لعرض كتاب تحت عنوان "الانهيار" يسلط الضوء على الأسباب السياسية والاقتصادية التي أدت إلى سقوط النظام البهلوي الملكي عام 1979، سيطيح به خارج الجامعة.
وفي مطلع الشهر الجاري عقدت كلية الاقتصاد بجامعة طبطبائي، الواقعة في نطاق العاصمة طهران، ندوة حضرها سعيد مدني الناشط السياسي للتحدث حول كتاب الصحفي الإيراني المعارض هدي صابر المتوفى قبل عقد كامل.
يشار إلى أن هدي صابر كان أحد الصحفيين المناهضين لسياسات نظام ولاية الفقيه، حيث وافقته المنية بعد إضرابه عن الطعام داخل معتقل إيفين سيئ السمعة في يونيو/حزيران عام 2011.
إعدامات أمام المارة
وكشفت منظمة حقوقية مستقلة عن حصيلة جديدة للإعدامات الجماعية في إيران، التي نفذتها سلطات نظام ولاية الفقيه على مدار 6 أشهر، في مشاهد باتت معتادة داخل البلاد.
وأوضحت منظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، في تقرير جديد نشرته عبر موقعها الرسمي، أن نحو 110 أشخاص على الأقل جرى إعدامهم في أماكن مفتوحة أو داخل السجون، خلال النصف الأول من عام 2019.
ورصد التقرير وجود مراهقين اثنين من بين مئات الأشخاص الذين نفذت السلطات الإيرانية أحكاماً بإعدامهم بين شهري يناير/كانون الثاني، ويونيو/حزيران الماضيين.
وقوبل إعدام المراهقين الاثنين اللذين يقل عمرهما عن 18 عاماً داخل سجن شيراز المركزي، في مايو/أيار الماضي، بردود فعل دولية غاضبة، بحسب المنظمة التي يديرها نشطاء إيرانيون مدافعون عن حقوق الإنسان.
وكشف شهود عيان، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران، وجود آثار تعذيب على جسدي مهدي سهرابي وأمين صداقت، المعتقلين اللذين أعدمتهما السلطات في سن 17 عاماً.
وتتصدر إيران دول العالم في حالات الإعدام لقاصرين أقل من عمر الثامنة عشرة عاماً، خلافاً لنصوص القوانين والمواثيق الدولية التي تجرم إعدام المراهقين.
وفاة مريبة
وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية بسرعة إجراء تحقيقات فعالة ونزيهة إزاء واقعة وفاة سجين على نحو مريب في معتقل محلي سيئ السمعة، بالإضافة إلى إعدام وشيك لمراهق إيراني.
وأوضحت المنظمة الحقوقية الدولية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، أن معتقل يدعى "بنيامين آلبوغبيش" توفي بشكل مريب منذ اعتقاله إثر حملة مداهمات أمنية تعسفية عقب وقوع هجوم مسلح ضد عرض عسكري بإقليم الأحواز (جنوب) في سبتمبر/أيلول الماضي.
وأشار البيان إلى أن المسؤولين الإيرانيين لديهم سجل سوابق مفزع يتعلق بتعذيب المعتقلين، واستخدام أساليب قاسية وغير إنسانية ومهينة بهدف انتزاع اعترافات إجبارية منهم.
واعتقلت السلطات الإيرانية آلبوغبيش ضمن عشرات آخرين بزعم تورطهم في شن هجوم مسلح أسفر عن مقتل نحو 25 شخصا على الأقل أغلبهم من عناصر مليشيا الحرس الثوري الإيراني قبل 9 أشهر.
عصيان مدني
وفي مواجهة قمع حكومة طهران، دعا رضا بهلوي، ولي عهد الأسرة البهلوية التي حكمت إيران بين عامي 1925 و1979، إلى تصعيد خطوات العصيان المدني والنضال السلمي داخل بلاده، أملا في أن يقود الشعب مصيره.
وحذر من استمرار سياسات النظام الثيوقراطي المسيطر على حكم بلاده التي تنذر بمزيد من الكوارث بوجه الإيرانيين.
وفي بيان نشرته صحيفة كيهان اللندنية الناطقة بالفارسية، دعا "بهلوي" المقيم في الولايات المتحدة منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي إلى حركة وطنية شاملة بهدف التضامن والحزم في وجه نظام المرشد الإيراني علي خامنئي.
ولفت إلى أن سياسات طهران الحالية أدت إلى نهب الثروات الوطنية، فضلا عن تخريب الموارد الطبيعية للبلاد، إلى جانب شح الخزانة العامة لإيران.
خامنئي يخشى السقوط
على وقع توتر المشهد برمته داخليا وخارجيا، أجرى المرشد الإيراني علي خامنئي تغييرات جديدة شملت نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية ورئيس مؤسسة البسيج (التعبئة العامة).
وتأتي التعديلات التي بدأها قبل شهر تقريبا أكبر رأس في هرم السلطة داخل نظام ولاية الفقيه المسيطر على حكم إيران، وتضمنت إعفاء مسؤولين عسكريين بارزين في مسعى لإحكام مزيد من السيطرة إثر مخاوف من اندلاع انتفاضة شعبية عارمة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية أو حدوث انشقاقات عسكرية تطيح بخامنئي نفسه.
وأورد التلفزيون الإيراني الرسمي أن خامنئي عين محمد رضا آشتياني (يحمل رتبة عميد) في منصب نائب رئيس أركان القوات المسلحة الذي كان يتولى منصب نائب القائد العام للجيش الإيراني.
وأصدر مرشد النظام الثيوقراطي المستحوذ على صلاحيات واسعة من بينها إدارة شؤون الحرب والسلم مرسوما آخر يقضي بتعيين غلام رضا سليماني (يحمل رتبة عميد بالحرس الثوري) في منصب رئيس مؤسسة البسيج خلفا لغلام حسين غيب.
رضوخ للتفاوض
في تصريحات تعكس عمق التوتر الذي يعيش فيه مسؤولو نظام ولاية الفقيه إثر زيادة التصعيد مع الولايات المتحدة، قال وزير الاستخبارات الإيراني محمود علوي إن بلاده ستبدأ التفاوض مع واشنطن بعد موافقة المرشد علي خامنئي.
ونقل موقع "جماران" المحلي المحسوب على تيار الأصوليين عن علوي قوله إن بلاده ستجلس على طاولة مفاوضات مع أمريكا للمفاوضات بمجرد صدور إذن من خامنئي.
وخلافا للهجة التصعيد بالرفض القاطع لفكرة التفاوض من الأساس التي كان يتبناها المسؤولون الإيرانيون منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/أيار 2018، يبدي وزير الاستخبارات الإيراني ترحيبا في الوقت الراهن إذا ما تغيرت الظروف، على حد قوله.
واعتبر المسؤول الأمني البارز أن طهران لديها شرطان فقط يعوقان الدخول بالمفاوضات مع الولايات المتحدة، هما سريان حزمتي العقوبات وكذلك رفض المرشد الإيراني (يستحوذ على صلاحيات واسعة من بينها إقرار السلم وبدء الحرب) لهذا المقترح حتى الآن.