يعتقد بعض الناس أنه الوحيد الذي يتبخر راتبه الشهري قبل نهاية الشهر ويضطر للانتظار على أحر من الجمر من أجل الحصول على الراتب التالي، لكن الحقيقة أن أغلب الموظفين يعيشون هذه الحالة ويمرون بالظرف ذاته شهرياً.
وأظهر تقرير نشرته شركة (LendingClub) أن أكثر من 60% من الأميركيين يستنزفون رواتبهم قبل انتهاء الشهر، ويعيشون على الراتب شهراً بشهر، أما اللافت أكثر في التقرير فهو أن أكثر من نصف الأميركيين الذين يحصلون على دخل سنوي يزيد عن 100 ألف دولار يستنزفون رواتبهم قبل نهاية الشهر أيضاً، أي أن أصحاب الدخل المرتفع يواجهون نفس المشكلة ولا يقتصر الأمر على ذوي الدخل المحدود.
وحاول تقرير نشرته شبكة (CNBC) الأميركية، واطلعت عليه "العربية.نت"، تحليل أسباب هذه الظاهرة لينتهي إلى أن السبب الرئيس وراء ذلك هو "تضخم نمط الحياة"، أي أنَّ الشخص كلما زاد دخله وراتبه الشهري زاد إنفاقه وتضخمت مصاريفه وعليه فإن الحال يظل ذاته بالنسبة لذوي الدخل المحدود أو الدخل المرتفع.
ويشير العديد من الخبراء إلى ظاهرة تسمى "تضخم نمط الحياة" باعتبارها أحد الأسباب، حيث إن تضخم نمط الحياة، أو زحف نمط الحياة، هو زيادة الإنفاق أكثر قليلاً كلما ازداد دخل الشخص.
وقالت صابرينا رومانوف، وهي طبيبة نفسية إكلينيكية تعمل مع العملاء الذين يعانون من ضغوط مالية: "أعتقد أن الناس يحتفظون بهذه المعايير في أذهانهم، إذا وصلت إلى هذا المنصب أو حصلت على هذه الترقية أو وصلت إلى هذا العمر، فيمكنني أن أعيش هذه الحياة، أو سأستحق الحصول على هذه الأشياء".
وتضيف: "ثم يصابون بالجنون قليلاً أو يصبحون جامحين قليلاً، وبعد ذلك يصبح الأمر بمثابة مقايضة، كما لو أنهم لا يستطيعون سوى الاستمتاع بسعادتهم الحالية وهم غير قادرين على الادخار أو التخطيط للمستقبل".
لكن إنفاق المزيد قد لا يكون بهذه البساطة مثل رغبة الأشخاص في الاستمتاع بالأشياء، فالعديد من الأميركيين ببساطة لا يملكون ما يكفي من المال لتغطية نفقاتهم لأن دخولهم لم تواكب الارتفاع في تكاليف المعيشة أصلاً.
ويقول تقرير "سي إن بي سي" إن العيش من الراتب إلى الراتب يجعل الناس عرضة لتراكم ديون بطاقات الائتمان ذات الفائدة العالية، حيث قال ما يقرب من نصف الأميركيين (46%) إنهم يحتفظون برصيد في بطاقتهم الائتمانية بسبب نفقات طارئة.
ويوصي الخبراء بوجود صندوق للطوارئ يمكن الاعتماد عليه لتغطية نفقات المعيشة لمدة 3 إلى 6 أشهر تقريباً.
وقالت رومانوف: "الهدف هنا هو إيجاد التوازن.. يتعلق الأمر بالاستمتاع بحياتك، ولكن عدم التركيز على المستقبل الذي لم يأت بعد أو التركيز بشكل كبير على الحاضر فهذه مشكلة".