أعلن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة حول ليبيا، الجمعة، للتناقش مع البعثة الأممية فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية والعسكرية، وسط مطالبات ليبية بموقف قوي ضد مليشيات طرابلس.
وقال المجلس: "ستجتمع لجنة الأركان العسكرية لمناقشة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتبادل المعلومات في سياق عمليات حفظ السلام".
وتعد لجنة الأركان العسكرية هي إحدى الهيئات الفرعية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتعمل على إسداء المشورة والمعونة إلى المجلس الدولي، وتعاونه بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدولي ولاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها ولتنظيم التسليح ونزع السلاح بالقدر المستطاع.
توقيت هام
وتأتي جلسة المجلس بعد أيام من "خارطة" طرحها القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر حول مرحلة انتقالية "واضحة ومنضبطة" تدخلها البلاد بعد تحرير طرابلس، خاصة بعد انتقادات كثيرة وجهت لمبادرة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.
تعليقا، يقول الدكتور راقي المسماري، أستاذ القانون الدولي في جامعة بنغازي، إن مجلس الأمن والبعثة يعلمان ويدركان تماما أنه لا سلام في ليبيا في ظل وجود المليشيات المتقوقعة داخل العاصمة.
وأوضح، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن المبعوث الأممي غسان سلامة تحدث كثيرا في تصريحاته وإفاداته السابقة عن الفساد وتأثيراته السلبية واستخدام المليشيات للفساد كآلية عمل داخل الجهات الحكومية بطرابلس.
وشدد المسماري على أن "الأهداف التي رسمها الجيش لا بد من تحقيقها سواء بالعمل العسكري، أو اشتراط تطبيقها من خلال الحل السياسي".
القضاء على المليشيات هو الحل
وقال أستاذ القانون الدولي: "لا أعتقد أن أجندة هذا الاجتماع تهدف إلى فرض السلام على الأرض، سواء بخلق مبادرة سياسية مقبولة لحل الأزمة أو بإنزال قوات دولية من شأنها الوقوف في خط مستقيم يفصل قوات الجيش الليبي عن مليشيات الوفاق".
ولفت المسماري إلى أن قوات الجيش الليبي حققت تقدما كبيرا، فيما يتعلق بسيادتها على الأرض عندما وصلت إلى طوق طرابلس (ترهونة وغريان وصرمان وصبراتة) ومنها إلى تخوم العاصمة، بفرض سيطرتها على المطار وخلة الفرجان وعين زارة ووادي الربيع.
وشدد المسماري على أن السبب الذي دفع الجيش إلى الذهاب لغرب البلاد لا يزال قائما وهو وجود المليشيات وتحكمها وسطوتها على القرار الحكومي في العاصمة، وهو الأمر الذي من شأنه عرقلة أداء الحكومة لمهامها وبالتالي عجز الدولة عن القيام بوظائفها، إضافة إلى ذلك احتماء الإرهاب وقادته بالعاصمة وتواصل الفساد الإداري.
واختتم أستاذ القانون الدولي: "جميع هذه الأسباب لا تزال قائمة ولم تنتهِ بعد، وعليه فإن شرعية العمليات العسكرية التي يقوم به الجيش لا تزال قائمة كذلك ومن هنا فلا أعتقد أن البعثة ستناقش موضوع حفظ السلام من خلال استمرار المليشيات.
أعتقد أن يتم تأكيد خلال هذا الاجتماع ضرورة حل المليشيات أولا، وتسليم السلاح للجيش ثانيا من أجل أن يكون هناك سلام حقيقي وليس هدنة مرحلية مؤقتة لن تثمر شيئا طالما ظلت سلطة وسطوة المليشيات قائمة".
تخوف من الالتفاف على الحل
من جانبه، قال السياسي الليبي فرج ياسين إن الاجتماع القادم أمام لجنة الأركان العسكرية بالأمم المتحدة ستكون فرصة لفرض مبادرة السراج التي أطلقها مؤخرا.
وأوضح ياسين، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" عن رأيه في مبادرة السراج، بأنها جاءت بإيعاز وتمهيد من المبعوث الأممي غسان سلامة و"ربما بالصياغة أيضا".
وأعرب ياسين عن اعتقاده أن الجلسة القادمة ستكون محاولة التفاف من بريطانيا التي فشلت أكثر من مرة في استصدار قرار أممي، لحماية عناصر التيارات الإرهابية بطرابلس بوقف زحف الجيش الليبي للقضاء على الإرهاب، وتوقع أن يكون السيناريو هذه المرة طرح المبادرة من سلامة في مجلس الأمن مدعوما من بريطانيا.
وكانت بريطانيا قد قدمت أكثر من مشروع قرار لمجلس الأمن بهدف وقف عمليات الجيش الليبي في طرابلس، لكن كل تلك القرارات اصطدمت برفض من دول دائمة العضوية بالمجلس مثل أمريكا وروسيا وفرنسا.
"خارطة" المشير حفتر وانتقادات للسراج
وأوضح المشير حفتر في خارطته حول الأوضاع في ليبيا بعد عملية طرابلس العسكرية أن المرحلة الانتقالية ستتضمن حل الأجسام المنبثقة كافة عن اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التجهيز للمرحلة الدائمة، لافتا إلى أنه من مهام حكومة الوحدة الوطنية هو التجهيز للانتخابات وعودة المسار الديمقراطي بالعمل على مشروع قانون انتخابات جديد خالٍ من العيوب السابقة.
وأردف "سيكون من مهامها (حكومة وحدة وطنية) تشكيل لجنة صياغة دستور جديد ووضع مشروع قانون للاستفتاء عليه، وكذلك إعادة التوازن لقطاع النفط وعوائده".
وتعليقا على مبادرة السراج، أوضح حفتر أن فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي غير الدستوري "مرتبك وقراره ليس في يده".
ولقت مبادرة السراج، التي عرضها يوم 16 يونيو/حزيران الجاري، اعتراضا من قبل مسؤولين وبرلمانيين ونشطاء ليبيين، لإهمالها الأطراف الفاعلة في البلاد مثل الجيش الوطني ومجلس النواب المنتخب الذي حاولت المبادرة إنشاء بديل له يتمثل في عقد ملتقى وطني يمهد للانتخابات ويدخل في اختصاصاته تناول القواعد الدستورية اللازمة.
وكان لافتا اعتراض مليشيات وقادة عسكريين يقاتلون إلى جانب السراج نفسه، مثل مليشيا الصمود التي أعلنت أن "مبادرة السراج لا تساوي الحبر الذي كتبت به".
وقال القيادي في المليشيا الإرهابية أحمد بن عمران إن المبادرة تعد "استجداء" من السراج للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي.
ولم تكن مليشيا الصمود أولى حلفاء السراج في رفض مبادرته، حيث يتداول رفض قادة تابعين لحكومة الوفاق المبادرة مثل: علي اشتيوي، الملقب بـ"السريعة" قائد محور اليرموك، ومحمد خليل عيسى بمحور الزطارنه، والمهتدي اغليو، محور وادي الربيع.
وتشهد العاصمة طرابلس اشتباكات منذ الرابع من مايو/أيار الماضي، على خلفية عملية عسكرية للجيش الوطني الليبي بهدف تطهير العاصمة من المليشيات وجماعة الإخوان الإرهابية.
ومنذ انطلاق المعارك، قدم السراج دعما مباشرا للمليشيات والإخوان والعناصر الإرهابية التي تقاتل إلى جانبهم، رغم كونها مدرجة على قوائم الإرهاب الدولية.