هل يعد البروكلي أو الشمندر الخيار الأفضل لصحة شخص ما؟ وما هي الأطعمة التي من المحتمل أن تؤدي إلى حدوث أكبر ارتفاعات في الغلوكوز أو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم؟ تطرح في بعض الأحيان مثل هذه الأسئلة وترتبط الإجابة في معظم الأحيان بطبيعة الحالة الصحية للشخص وما إذا كان يسعى للتخلص من بعض كيلوغرامات زائدة وما هو مذاق الأطعمة التي يفضلها.
بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع شبكة CNN الإخبارية الأميركية، سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في مجال علوم التغذية، فيما يتعلق بالنظم الغذائية المخصصة التي تناسب كل فرد على حدة ولمعرفة ما يجب وما لا ينبغي أن يأكله كل منا.
170 مليون دولار
في الولايات المتحدة، بدأ برنامج طموح يسمى التغذية من أجل الصحة الدقيقة، ويشار إليه اختصارًا بـ NPH في يناير 2022 بتمويل من المعاهد الوطنية الأميركية للصحة NIH بلغ 170 مليون دولار كي تقوم المؤسسات البحثية في جميع أنحاء الولايات المتحدة بإجراء دراسة مدتها خمس سنوات وتضم 10000 مشارك.
وأدلت هولي نيكاسترو، مديرة ومنسقة برنامج NPH في مكتب NIH بتصريحات حول أهداف المشروع وحجمه وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفيد صحة البشر من خلال المساعدة في ابتكار أنظمة غذائية مثالية لكل فرد.
نهج مختلف
قالت نيكاسترو إن نهج البرنامج مختلف لأنه يبحث في مجموعة شاملة من العوامل، التي لا يتم فحص الكثير منها عادةً في علم التغذية. يقوم مشروع NPH بدراسة كيفية تأثير الجينات والميكروبيوم وعلم الأحياء وعلم وظائف الأعضاء والبيئة ونمط الحياة والتاريخ الصحي وعلم النفس والمحددات الاجتماعية للصحة على استجابات الأفراد للنظام الغذائي. كما سيتم دراسة واحدة من أكبر مجموعات المشاركين وأكثرها تنوعًا من أجل تحقيق نصائح تغذية دقيقة.
وأضافت نيكاسترو أنه سيتم العمل على بناء واحدة من أكثر قواعد البيانات الصحية تنوعًا في التاريخ، حيث يأتي معظم المشاركين من مجموعات كان تمثيلها ناقصًا سابقًا في العلوم الطبية الحيوية، بما يضمن استيفاء عوامل مثل العمر والجنس والعرق.
برنامج ذكاء اصطناعي
شرحت نيكاستر أن مشروع NPH يشتمل على ثلاث وحدات، في الوحدة الأولى، سيتم جمع معلومات عن الأنظمة الغذائية اليومية العادية لجميع المشاركين. في الوحدة الثانية، ستتناول مجموعة فرعية من المشاركين في الوحدة الأولى ثلاث وجبات مختلفة يختارها الباحثون. بالنسبة للوحدة الثالثة، ستشارك مجموعة فرعية أصغر ومنفصلة من المشاركين من الوحدة 1 في دراسة لمدة أسبوعين في مراكز الأبحاث حيث سيتم التحكم في طعامهم بعناية من قبل الباحثين.
وتختتم كل وحدة باختبار تحدي الوجبة. سوف يصوم المشاركون طوال الليل ثم يتناولون وجبة إفطار أو مشروبًا معياريًا حتى يُمكن فحص استجاباتهم، مثل مستويات الغلوكوز في الدم، على مدار عدة ساعات.
كما سيتم استخدام تطبيقات التصوير بالأجهزة المحمولة والأجهزة القابلة للارتداء التي يمكنها التقاط المعلومات بشكل سلبي حول ما يتم تناوله من أطعمة. سيرتدي المشاركون أجهزة مراقبة ومقاييس تسارع مستمرة للغلوكوز والتي تجمع معلومات حول النشاط البدني ووقت الجلوس والنوم. سيقوم الباحثون أيضًا بتحليل المؤشرات الحيوية المختلفة - مثل نسبة الدهون في الدم ومستويات الهرمونات - وميكروبيوم البراز.
وأوضحت نيكاسترو أنه على عكس الباحثين البشريين، يمكن لبرنامج الذكاء الاصطناعي التدقيق في كميات هائلة من البيانات ومعالجتها بسرعة وترجمة الاتصالات بين نقاط البيانات إلى خوارزميات.
ويمكن أن تتنبأ برامج الذكاء الاصطناعي باستجابة الفرد للأطعمة والأنماط الغذائية، مع مراعاة دور الجينات والبروتينات والميكروبيوم والتمثيل الغذائي والعوامل البيئية ونمط الحياة.
السكري وضغط الدم والكوليسترول
وشرحت نيكاسترو أنه ربما تكون هناك بعض الفوائد المباشرة المبكرة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري أو الذين يواجهون صعوبة في تنظيم مستويات السكر في الدم لديهم. تتيح لنا أجهزة مراقبة غلوكوز الدم، التي تعلق على الجلد، معرفة كيفية تغير سكر الدم لدى الفرد بعد تناول أطعمة أو مجموعات طعام أو وجبات معينة، ومن ثم التنبؤ بهذه الاستجابات بناءً على سمات الفرد. مما يمكن أن يساعد في تطوير خطط مصممة خصيصًا لمنع التقلبات الكبيرة في نسبة السكر في الدم.
كما ستستخدم مناهج التغذية الدقيقة لمعرفة مدى القدرة على توقع الاستجابات الأخرى للنظام الغذائي، بما يشمل التغيرات في ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول في الدم أو مستويات الدهون الثلاثية، والحالة المزاجية والإدراك.
وقاية من الأمراض المزمنة
وقالت نيكاسترو إن النظام الغذائي السيئ هو أحد الأسباب الرئيسية للأمراض، التي يمكن الوقاية منها، والوفاة في جميع أنحاء العالم، وهو السبب وراء إنفاق ميزانيات ضخمة في شكل خدمات رعاية صحية. يؤثر نظامنا الغذائي على نمونا وتطورنا وخطورة المرض وشدته ورفاهيتنا بشكل عام. يعاني ما يقرب من 40٪ من البالغين في جميع أنحاء العالم من السمنة أو زيادة الوزن، ويعاني أكثر من 30٪ من ارتفاع ضغط الدم، وتتزايد الأمراض المزمنة الأخرى المرتبطة بالنظام الغذائي. أشارت الدراسات الحديثة إلى أن حوالي واحدة من كل خمس وفيات يمكن أن تُعزى إلى اتباع نظام غذائي سيئ، مما يعني أنه يمكن تحقيق طفرة في صحة البشر من خلال تحسين نظم التغذية.
واستطردت قائلة إن اتباع الإرشادات العامة للتغذية، مثل تضمين الأطعمة الغنية بالمغذيات والحد من السكريات المضافة والدهون المشبعة والصوديوم، لا يصل إلى الجميع وربما لا يناسب البعض، لذا فإن اتباع نهج مخصصة سيكون أكثر فائدة وتأثيرًا.
عوامل التنبؤ
وأردفت نيكاسترو قائلة إن النصائح الغذائية ستصبح دقيقة بشكل متزايد خلال السنوات القادمة. على المدى القصير، سيتم استخدام المزيد من نقاط البيانات لإنشاء توصيات أكثر تفصيلاً، معربة عن أملها أنه، على المدى الطويل، سيمكن استخدام العوامل التنبؤية، التي حددها مشروع NPH أثناء المدخول القياسي من قبل المتخصصين، في توصيات وخدمات الرعاية الصحية. ويمكن أن يتضمن ذلك استخدام المرضى لتقنيات جديدة مثل أجهزة مراقبة الغلوكوز المستمرة أو المراحيض الذكية التي تحلل التركيب الميكروبي في البراز في الوقت الفعلي، أو قد يتضمن اختبار توقيع جيني بسيط.
وأشارت إلى أنه لكي يتم إدراك الفوائد الكاملة لنهج التغذية الدقيقة، سيكون من الضروري دراسة ومعالجة العوائق التي تحول دون اتباع التوصيات الغذائية. يجب أن تركز مناهج الدقة على التوصيات الغذائية التي لا تعمل فقط على تحسين صحة الشخص، ولكن أيضًا يسهل على الفرد اتباعها بناءً على موارده الخاصة وأسلوب حياته وتفضيلاته وقدراته.