محاولة انقلابية فاشلة في إقليم أمهرة شمالي إثيوبيا، أسفرت عن مقتل رئيس أركان الجيش ورئيس حكومة الإقليم ونائبه، أكدت ما تتعرض له البلاد من محاولات خبيثة للنيل من جهود رئيس الوزراء آبي أحمد في استعادة السلام والاستقرار لبلاده ولمنطقة القرن الأفريقي.
ولا عجب أن تواجه جهود آبي أحمد الإصلاحية وسعيه نحو السلام في المنطقة تحركات من جهات لا يتوقف سعيها عن إثارة القلاقل، ويضيرها التقارب الإثيوبي مع جواره الأفريقي والعربي، وبناء جسور التعاون مع محيط أديس أبابا الاستراتيجي.
وفي الساعات الأولى من صباح الأحد، خرج رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد كاشفا عن "جهات مأجورة" تقف وراء تنفيذ المحاولة الانقلابية الفاشلة، مشددا على أن الوضع في البلاد والإقليم تحت السيطرة.
إصلاحات
ونجح آبي أحمد خلال عام من توليه إدارة حكومة بلاده في القيام بثورة إصلاحية داخليا وعلى مستوى السياسة الخارجية لبلاده، إذ تمكن خلالها من إحداث تغييرات رسمت ملامح مستقبل ليس إثيوبيا فقط، بل مستقبل منطقة القرن الأفريقي.
وأعاد تولي آبي أحمد منصب رئاسة الوزراء الهدوء للبلاد، التي عانت من اضطرابات داخلية وشعبية على مدار 3 سنوات، حيث اتخذ عدة قرارات لمواجهة النزاعات القبلية في عدد من أقاليم البلاد، والتي سرعان ما تم احتواؤها، لكنها عادت مرة أخرى للواجهة، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الإثيوبي محاولة من مناهضيه لإجهاض مسيرة الإصلاح.
تهدئة النزاعات الداخلية
أخذ آبي أحمد على عاتقه منذ اليوم الأول له في السلطة، إجراء المصالحات بين القوميات والشعوب الإثيوبية في مختلف الأقاليم، وأجرى العديد من الزيارات الميدانية كما شهدت البلاد عودة قادة المعارضة الحركات الانفصالية المسلحة في تجاوب مع جهود رجل السلام.
فيما تمثلت أبرز الأحداث الخارجية التي شهدتها إثيوبيا في تحقيق السلام وعودة العلاقات مع الجارة الشمالية إريتريا، بعد قطيعة عقدين.
مصالحة تاريخية
وقرر آبي أحمد التوجه إلى العاصمة الإريترية أسمرا، في الـ8 يوليو/تموز في أول زيارة تاريخية له لإعادة العلاقات بين البلدين، وفي 9 يوليو/تموز، تم الإعلان رسميا عن إنهاء عداء استمر 20 عاما منذ اندلاع الحرب بينهما على حدود متنازع عليها عام 1998. ووقّع كل من رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس الإريتري أسياس أفورقي في العاصمة الإريترية أسمرا "إعلان المصالحة والصداقة"، تم بموجبه إنهاء أطول عداء في أفريقيا وفتح السفارات في البلدين وتطوير الموانئ واستئناف رحلات الطيران.
وفي 14 أكتوبر الماضي، وصل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في زيارة رسمية استغرقت يومين، وكانت الزيارة الثانية بعد إنهاء البلدين خلافاتهما في يوليو 2018.
وبحث أفورقي وآبي أحمد، خلال الزيارة، العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وأعاد فتح سفارة بلاده لدى أديس أبابا.
وتوجت إثيوبيا وإريتريا بجائزة لوكسمبورج للسلام التابعة لمؤسسة شنجن للسلام لعام 2019 لجهودهما ومبادراتهما المتميزة لتعزيز السلم في القرن الأفريقي، بترشيح من مندوبي منتدى السلام العالمي.
ولم يغفل رئيس الوزراء الإثيوبي ما شاب العلاقات مع مصر من توتر، وسعى لتحسين العلاقات مع القاهرة، والتي وصلت إلى درجة كبيرة من التفاهم بين قيادتي البلدين.
من ناحية أخرى، تعامل آبي أحمد مع مشكلة "سد النهضة" حيث ألغى عقد شركة "ميتك" الإثيوبية (التابعة للجيش)، والمنفذة للأعمال الهيدروميكية في مشروع سد النهضة.
وأقر خلال مؤتمر صحفي في أديس أبابا بتأخر أعمال بناء سد "النهضة"، التي كان مقررا أن تنتهي في 2017، بسبب إخفاقات شركة "ميتك" الإثيوبية.
وعُثر بعدها على جثة مدير مشروع سد النهضة سمنجاو بقلي مقتولا في سيارته وسط أديس أبابا، وأعلنت الشرطة لاحقا أنه انتحر بمسدس خاص كان موضوعا داخل سيارته.
وعين "كيفلي هورو"، خلفا لسيمنجاو مديرا لمشروع سد النهضة وقال إن اكتمال العمل في بناء سد النهضة سينتهي بحلول عام 2022.
هيكلة الحكومة
وخلال العام الماضي، أجرى آبي أحمد أكبر تعديلات وزارية تشهدها البلاد في عام، بدأها عقب تولية السلطة مباشرة، حيث شكل حكومة من 29 وزيرا ثم سرعان ما أعاد تشكيل حكومة جديدة من 20 وزيرا.
وأسند رئيس الوزراء الإثيوبي نصف حقائب الحكومة إلى سيدات، في تعديل كاسح لأول مرة في تاريخ البلاد، وشمل التعديل أيضاً تعيين أول سيدة لحقيبة الدفاع في تاريخ إثيوبيا، وهي عائشة محمد موسى، ودمج بعض الوزارات وإنشاء وزارات جديدة.
وتولى آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا في مارس/آذار 2018، خلفا لـ"هايلي ماريام ديسالين"، الذي أجبرته المظاهرات الشعبية في البلاد على الاستقالة، وشملت إصلاحات آبي أحمد، إنهاء النزاع الإثيوبي الإريتري الذي دام لعقدين، وإطلاق سراح المعتقلين، والترحيب بعودة الجماعات السياسية المحظورة إلى البلاد والإعلان عن خطط لخصخصة الشركات الكبرى الرئيسية المملوكة للدولة.
ومنذ توليه منصبه، دعا آبي أحمد الإثيوبيين إلى تعزيز الوحدة والتسامح ونبذ العنف والكراهية والقبلية وضيق الأفق، وضرورة تعزيز ثقافة الحوار والنقاش لحل الخلافات، وتعهد بمواصلة الإصلاحات في المؤسسات الحكومية والديمقراطية، وضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة بحلول 2020.