قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض بسجن الناشطة السعودية البارزة لجين الهذلول لمدة خمس سنوات وثمانية أشهر، وذلك رغم الانتقادات الدولية والضغوط للإفراج عنها.
وأدانت المحكمة الهذلول بارتكابها أفعالا مجرّمة بموجب المادة الـ43 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، كالتحريض على تغيير النظام الأساسي للحكم، والسعي لخدمة أجندة خارجية داخل المملكة مستخدمة الشبكة العنكبوتية لدعم تلك الأجندة، بهدف الإضرار بالنظام العام والتعاون مع عدد من الكيانات والأفراد الذين صدرت عنهم أفعال مُجرَّمة بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله.
ويحمل الحكم الصادر في شأن الهذلول رسالة بأن القضاء السعودي مستقل ويرفض منطق الضغوط.
وقال قاضي المحكمة إن المدعى عليها أقرت بارتكاب التهم المنسوبة إليها، ووثقت اعترافاتها نظاما طواعية دون إجبار أو إكراه، وإنه لم يثبت لديه خلاف ذلك مما ادعت به المتهمة في جلسات سابقة.
ويشمل الحكم "وقف تنفيذ عامين و10 أشهر من العقوبة المقررة استصلاحا لحالها وتمهيد السبل لعدم عودتها إلى ارتكاب الجرائم، وأنه في حال ارتكابها أي جريمة خلال السنوات الثلاث المقبلة، سيعتبر وقف التنفيذ ملغى".
ومنحت المحكمة كلا من المدعي العام والمدعى عليها، إمكانية الاعتراض على الحكم استئنافا أو تدقيقا خلال المدة النظامية والتي تقدر بـ30 يوما تبدأ من اليوم التالي لتسليم صك الحكم للطرفين.
وبدأت محاكمة الناشطة المتخرجة من جامعة بريتيش كولومبيا الكندية في مارس 2019 بعد نحو عام من توقيفها مع ناشطات حقوقيات أخريات قبيل رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات في منتصف العام 2018، على خلفية "التخابر مع جهات أجنبية" بحسب وسائل إعلام محلية.
وكانت الهذلول تُحاكم أمام المحكمة الجزائية، لكن تقرّر لاحقا تحويل قضيتها إلى المحكمة الجزائية المتخصّصة التي تأسست في العام 2008 للنظر في قضايا مرتبطة بمكافحة الإرهاب.
وبحسب وزير الخارجيّة السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، فإنّ المرأة البالغة من العمر 31 عاما متهمة بأنها كانت على اتصال بدول "معادية" للمملكة وبأنها نقلت معلومات سرية. لكنّ عائلتها تقول إنّ الحكومة السعودية لم تُقدّم أي دليل ملموس لدعم هذه الاتهامات.
وتجتذب محاكمة هؤلاء الناشطات المزيد من اهتمام العالم بموضوع حقوق الإنسان في السعودية التي أعلنت خلال السنوات الماضية عن إجراء إصلاحات تشمل تحسين أوضاع النساء عبر الحدّ من تأثيرات العادات الاجتماعية الصارمة وتفسيرات الدوائر المتشدّدة للتعاليم الدينية في ما يتعلّق بالأحوال الشخصية.
وفي نطاق الإصلاحات ذاتها تمّ إقرار حقّ المرأة السعودية في قيادة السيارة وهو ما رحّبت به هيئات ودوائر حقوقية وسياسية دولية، قبل أنّ تأتي عملية القبض على الناشطات لتذكي من جديدة عاصفة الانتقادات للمملكة.
ووصفت سيما غودفري، وهي أستاذة في اللغة الفرنسية في جامعة بريتيش كولومبيا التي ارتادتها لجين في الفترة بين 2009 و2004، وتخرجت منها بشهادة في اللغة الفرنسية، الناشطة بأنها كانت شجاعة وجريئة.
وقالت لتلفزيون "سي.بي.سي" في عام 2018 إن الهذلول "كانت تعرف بماذا تخاطر هناك ولم تكن خائفة"، مشيرة إلى أنها "كانت تتطلع نوعا ما إلى التحدي".
وبحسب غودفري، فإن الهذلول تأتي من عائلة تقدمية شجعتها على الانخراط في السياسة، وهو أمر لطالما تتجنبه معظم العائلات السعودية في المملكة المحافظة.
وتابعت أن الهذلول "كانت تتحدث كثيرا عن والدتها التي كانت ترغب في أن تكون أصوات بناتها مسموعة".
وسعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة للضغط على السعودية للإفراج عن الهذلول وعدد من الناشطات الحقوقيات. وأفرجت السلطات السعودية مؤقتا عن عدد منهن العام الماضي.
وفي الثالث من أكتوبر الماضي، حصلت الهذلول في فرنسا على "جائزة الحرية" التي تمنحها لجنة دولية مكونة من 5500 شاب، وسلمت إلى عضوين من عائلتها.