أثارت خطط قطر لشراء نسب مهمة من أسهم بنوك تونسية مخاوف لدى الأوساط المالية والسياسية والنقابية من تأثيرات بيع هذه البنوك على الوضع المالي الذي يشهد أصلا تدهورا وزادته جائحة ”كورونا“ إرباكا.
وبعد الإعلان عن استحواذها على مصرف ”الزيتونة“ التونسي، تعتزم قطر شراء نسبة 35 % من أسهم الشركة التونسية للبنك، أحد أبرز البنوك التونسية المملوكة للدولة، والتي يبلغ رأسمالها 777 مليون دينار (حوالي 260 مليون دولار) ما أثار انتقادات لسياسات الدولة بسبب بيعها للمؤسسات الماليّة الكبرى، وفق ما ذكرته مصادر محليّة الاثنين.
والشركة التونسية للبنك هي أحد البنوك الحكومية الثلاث (إلى جانب البنك الوطني الفلاحي وبنك الإسكان) ويتولى البنك المركزي التونسي ضخّ السيولة في هذه البنوك لتكون رافدا للاستثمار وإنعاش الاقتصاد.
ويثير بيع أكثر من ثلث أسهم الشركة التونسية للبنك لفائدة قطر مخاوف من أن تكون هذه الخطوة مقدمة للاستحواذ على كامل البنك في مرحلة لاحقة كما كان الشأن لمصرف الزيتونة الذي استحوذت عليه قطر بالكامل في وقت سابق.
وحذّر مراقبون من وجود ما قالوا إنّه مخطّط قطري مدروس للاستحواذ على المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى المملوكة للدولة التونسيّة بتسهيل من حركة النهضة الإسلاميّة، معتبرين أنّ بيع هذه المؤسسات سيدفع نحو انهيار اقتصادي ونحو أزمة اجتماعية غير مسبوقة.
و قال الخبير الاقتصادي المتخصص في الشأن المالي إسماعيل الغالي في تصريح لـ ”إرم نيوز“ إنّ ”التوجه نحو بيع نسب من أسهم البنوك الحكومية لأطراف أجنبية تعتبر خطوة خطيرة تعكس ضعف خيارات الدولة في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية والمالية واتباع المسالك السهلة التي قد تتيح لها اليوم عوائد مالية غير أنّ تداعياتها سلبية على المدى المتوسط والبعيد“.
وأوضح الغالي أنّ ”البنوك الحكومية دورها توفير السيولة ومعاضدة جهود الدولة في رسم السياسات المالية للبلاد، ما يعني أنّ بيع جزء من هذه البنوك يهدّد استقلالية القرار وسيادة الدولة“، بحسب تعبيره.
ومن جانبه، حذّر الخبير الاقتصادي سالم بن عيسى من أنّ ”حجم الاستثمارات القطرية في تونس وطبيعة هذه الاستثمارات وامتدادها إلى القطاع المصرفي باتت تمثل مؤشرات مقلقة تهدد السياسات المالية للدولة التونسية، التي بُنيت منذ عقود على مبدأ وقوف الدولة إلى جانب القطاع العام وضخّ السيولة اللازمة للبنوك الحكومية حتى تقوم بدورها في التنمية“.
وأضاف بن عيسى في تصريح لـ ”إرم نيوز“ أنّ ”أزمة ”كورونا“ أظهرت الدور البارز للبنوك التونسية في مساعدة المؤسسات المتضررة وتقديم قروض ميسّرة وإعادة جدولة ديون المؤسسات المدينة لها، ما يعني أنّ دخول طرف أجنبي كجزء من مجلس إدارة البنك يعني التأثير على استقلالية القرار وعلى السياسات المصرفية لذلك البنك“.
وحذّر من أنّ ”التمدد القطري وبلوغه البنوك الحكومية في تونس قد يكون خطوة لمزيد إغراق المؤسسات المالية والتطلع إلى ”شراء“ أسهم جديدة من بنوك حكومية أخرى، ما قد يؤدي إلى فقدان الدولة سيطرتها الكاملة على سياساتها المالية“ وفق تعبيره.