وسط احتمال استهداف خصوم الولايات المتحدة أسطولها من الأقمار الاصطناعية الخاصة بنظام المواقع العالمي GPS في زمن الحرب، تجري القوات الجوية الأميركية حالياً دراسات مكثفة لاستخدام المجال المغناطيسي للأرض كبديل، وفق ما نشرته مجلة Popular Mechanics الأميركية نقلاً عن موقع Defense One.
ويمكن أن تستخدم القوات البرية والسفن في البحر والطائرات المجال المغناطيسي كوسيلة للملاحة، فضلاً عن إمكانية توظيفه في مجال توجيه الصواريخ إلى الأهداف بدقة تزيد قليلاً عن 10 أمتار.
مزايا GPS
تطور النظام العالمي لتحديد المواقع العالمي GPS، الذي تم إنشاؤه في أواخر الثمانينيات، ليصبح جزءاً أساسياً من الحياة لعدد كبير من سكان العالم. وتوفر الأقمار الاصطناعية الـ24، التي تشكل كوكبة GPS، إمكانية تحديد المواقع والتوقيت والمعلومات الملاحية في جميع أنحاء العالم. ويستخدمها الجيش الأميركي والكثير من جيوش دول العالم لأغراض مدنية وأخرى عسكرية.
كما يسمح نظام GPS للوحدات المقاتلة في الجو والبر والبحر بمعرفة موقعها في جميع الأوقات، وسرعة الاتفاق على وقت مشترك ومتزامن، والتنقل بسهولة نسبياً عبر تضاريس غير مألوفة. وتعتمد ذخيرة الهجوم المباشر المشترك JDAM والعديد من الأسلحة الحديثة الأخرى على نظام GPS لتحقيق دقة لا مثيل لها، فضلاً عن القدرة على ضرب الأهداف من مسافات بعيدة.
روسيا والصين وكوريا الشمالية
غير أن اعتماد البنتاغون على نظام تحديد المواقع العالمي GPS أدى بشكل كبير إلى جعل تعطيله أو تدميره على رأس الأولويات المتوقعة من الخصوم في زمن الحرب. وبالفعل، بادرت عدة دول بتصميم أسلحة مضادة للأقمار الاصطناعية وأجهزة التشويش على نظام GPS، بل وصل الأمر إلى تصميم نظم لخداع GPS يمكن أن تؤدي إلى تدمير الشبكة أو تعطيلها أو إضعافها، مما يجبر القوات الأميركية والقوات المتحالفة على الاعتماد على طرق وأساليب أكثر قدماً وأقل دقة في تحديد مساراتها للتحركات أو لتوجيه صواريخها وضرب أهداف العدو.
إلى ذلك قامت كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية بتطوير ونشر إجراءات مضادة لنظام GPS، والتي تداخل بعضها مع الاستخدام المدني للنظام. وفي عام 2019، اكتشف الطيارون تشويشاً روسياً على GPS، (لحماية قوات روسية في سوريا)، يتداخل مع حركة الطيران المدني في شرق البحر المتوسط، من قبرص إلى إسرائيل.
النظام البديل
طرح الجيش الأميركي عدداً من البدائل لنظام GPS، بما في ذلك التنقل في السفن باستخدام sextant.
ولعل أحد أهم الأفكار، الجاري دراستها وتطويرها والتي يبدو أنها تحمل الكثير من الأمل، هي تقنيات الملاحة بالمجالات المغناطيسية، ويشار إليها اختصاراً بـMAGNAV.
خرائط المجال المغناطيسي
يحيط المجال المغناطيسي، الذي يحمي الأرض من الرياح الشمسية، بجميع جوانب الكوكب، ولكنه يختلف حسب الموقع.
ويمكن ربط هذه الفروق المسجلة بواسطة مقياس المغناطيسية بخريطة الكوكب. وبالتالي يمكن إنشاء خريطة مغناطيسية للكرة الأرضية لا تتطلب أقماراً اصطناعية أو حتى خريطة مادية.
الحروب النووية
وبحسب ما ذكره موقع Defense One، ربما لا يكون نظام MAGNAV دقيقاً حتى مسافة 10 أمتار، مثلما هو الحال مع GPS. ولكنه يبقى أكثر دقة بكثير من باقي الوسائل الأخرى، ومن بينها نظم الملاحة بالقصور الذاتي القديمة.
كما لا تعتمد نظم MAGNAV على شبكة من الأقمار الاصطناعية المعرضة للخطر، ومن الصعب للغاية التشويش عليها، إذ سيتطلب الأمر انفجاراً نووياً للـ"تشويش" على المجال المغناطيسي للأرض وجعله غير موثوق به للملاحة ولفترة قصيرة إلى حد ما.
ومن المحتمل أن يتم تخطي خطة الاعتماد على نظم MAGNAV كوسيلة بديلة في حال نشبت حرب نووية، غير أنه يظل بديلاً مفيداً للغاية في النزاعات التقليدية.
صواريخ كروز
كما تطرح أحد السيناريوهات المحتملة أن يتم تشغيل صواريخ كروز الأميركية بنظام MAGNAV مستخدمة خرائط المجال المغناطيسي لعبور المياه الدولية ثم التحول إلى نظام الملاحة بالقصور الذاتي (INS) بمجرد بلوغها أراضي العدو.
وعلى الرغم من أن الخبراء يجدون أن السيناريو المقترح لا يعد مثالياً، إلا أنهم يدركون أن تقليل الاعتماد على INS سيجعل الدقة الإجمالية أكبر.