بعدما راهنت دول على ما يعرف باسم "مناعة القطيع" كوسيلة فعالة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، يبدو أن هذه النظرية العلمية ستكون غير ذات قيمة مع الوباء الذي اجتاح العالم وأصابه بالذعر والشلل، بل إن حتى تطوير لقاح قد لا يقضي تماما على الجائحة.
ففي دراسة "مقلقة" عن المناعة التي يكتسبها الجسم إذا ما أصيب بالفيروس ونجا منه، خلص الباحثون إلى أن المتعافين يمكن أن يفقدوا مناعتهم ضد كورونا في غضون أشهر، مما يجعلهم عرضة للإصابة به عاما بعد عام، مثل نزلات البرد.
وفي أول دراسة مطولة من نوعها، حلل علماء من جامعة "كينغز كوليدج" العلمية في لندن الاستجابة المناعية لأكثر من 100 مريض وعامل في مجال الرعاية الصحية في بريطانيا.
واكتشف الباحثون المفاجأة الصادمة، عندما رصدوا ذروة الأجسام المضادة المدمرة للفيروس بعد حوالي 3 أسابيع من ظهور الأعراض، ثم سجلوا تراجعا تدريجيا في أعداد هذه الأجسام بعد ذلك، وفقا للنتائج التي سلطت عليها الضوء صحيفة "غارديان" البريطانية.
ومع مزيد من المتابعة للمرضى، توصل العلماء إلى أن 17 بالمئة فقط منهم احتفظوا بالمناعة ضد الفيروس بعد 3 أشهر من إصابتهم به، مما يعني أن الغالبية العظمى من المتعافين يمكن أن يصابوا بكورونا مجددا، وربما أكثر من مرة إضافية.
وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة كاتي دوريس، إن المرضى يستجيبون "بشكل معقول" للمرض، لكن هذه الاستجابة "سرعان ما تتضاءل على مدى زمني قصير اعتمادا على الوقت الذي يصل فيه الجسم إلى ذروة مقاومة المرض".
وأكدت أن "شدة الإصابة تحدد مدة بقاء الأجسام المضادة في الجسم"، مشيرة إلى تناسب طردي بين المعطيين.
ومن المرجح أن تجبر الدراسة العلماء على إعادة النظر في فعالية نظرية "مناعة القطيع"، التي تعتمد على إفساح المجال للفيروس للانتشار في المجتمع لكي يكوّن أفراده الأجسام المضادة اللازمة لمقاومته.
فإذا كانت الأجسام المضادة خط الدفاع الرئيسي ضد كورونا وغيره من الطفيليات، فإن النتائج تشير إلى أن المتعافين من الفيروس التاجي يمكن أن يصابوا به مرة أخرى في موجات موسمية.
بل إن دوريس ذهبت لأبعد من ذلك، عندما شككت في فعالية اللقاحات المحتملة، التي "قد لا تحمي البشر لفترة طويلة".
وأضافت الباحثة البريطانية: "تميل العدوى إلى إعطائك أفضل سيناريو لاستجابة الأجسام المضادة، لذلك إذا كانت تعطيك مستويات من الأجسام المضادة تتلاشى في غضون شهرين إلى 3 أشهر، فمن المحتمل أن يفعل اللقاح نفس الشيء".
ودراسة "كينغز كوليدج" هي الأولى التي راقبت مستويات الأجسام المضادة في المرضى والعاملين بالمستشفيات لمدة 3 أشهر بعد ظهور الأعراض.