ابتكر علماء أميركيون توقيعا إلكترونيا يمكن التعرّف عليه كرائحة من دماغ الفئران رغم أنه اصطناعي بشكل كامل.
وتهدف هذه الدراسة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة والمنشورة في مجلة “ساينس”، إلى تحليل الطريقة التي تميّز من خلالها الثدييات الروائح المختلفة.
وأوضح إدموند تشونغ، طالب الدكتوراه في كلية غروسمان للطب في جامعة نيويورك والذي قاد هذه التجربة، أن هناك الكثير ممّا لم يفهمه العلماء حتى الآن عن حاسة الشمّ لدى هذه الحيوانات وخصائصها الرئيسية.
وأجرى الباحثون الأميركيون تجارب على فئران معدلة جينيا بحيث يمكن تنشيط الخلايا العصبية الخاصة بها بواسطة ضوء يسلط عبر ألياف ضوئية، وهي تقنية تسمى بـ“علم البصريات الوراثي”.
ولفت ديمتري رينبرغ، المؤلف الرئيسي للدراسة، وهو عالم أعصاب في جامعة نيويورك، إلى أن “نتائجنا تحدد للمرة الأولى رمزا لطريقة تحويل الدماغ للمعلومات الحسية إلى إدراكية”.
ووفقا لموقع ساينتفك أميركان، قال رينبرغ “لقد أنشأنا نمطا للتنشيط الاصطناعي، أو رائحة اصطناعية، ودربنا الفئران على التعرف عليه، ثم عدّلنا هذا النمط لنرى أيّا من الإشارات هي الأكثر أهمية في تكوين تصور له.. ليس لدينا أي فكرة عمّا تشمه الفئران في الواقع؛ إن كانت تفاحة أو برتقالة، أو إن كانت رائحتها كريهة، أو ممتعة”.
وقام الفريق البحثي بتوليد “الروائح الاصطناعية” التي تعتبرها الفئران حقيقية، علما وأن الباحثين يجهلون نوع الرائحة، وتدريب الفئران على التعرف إلى إشارة هذه الرائحة التي تمّ التوصل إليها باستخدام الضوء لتحفيز خلايا عصبية معينة في الدماغ، وتنشيط ست مجموعات عصبية بترتيب معين.
وتتمّ مكافأة الفئران بالماء عند دفعها للرافعة بعد التعرف على “الرائحة”، لكن إذا حرّكت هذه الرافعة بعد تنشيط مجموعة أخرى من المجموعات العصبية، فلا تكافأ.
وأشار رينبرغ “نحن بخطوة واحدة صغيرة أقرب إلى فيلم (ذا ماتريكس).. الفيلم يتميز بعالم تم التنازل عنه لأجهزة الكمبيوتر الذكية التي تنقل البشر إلى واقع محاكاة مشترك تم إنشاؤه في أدمغتهم، على غرار الطريقة التي ابتكر بها الباحثون رائحة اصطناعية.. أعدنا إنشاء الفيلم لكن بـ“طبعة جديدة” وموضوعها الرائحة”.
وركزت التجربة على البصلة الشمية، وهي بنية تقع خلف الأنف لدى الحيوانات والبشر.
وتعمل الجزيئات المرتبطة بالروائح على تنشيط الخلايا العصبية المستقبلة في الأنف والتي تمرر المعلومات كإشارة كهربائية إلى حزم من الألياف العصبية في البصلة تسمى الكبيبة. ويتم إرسال الإشارات في النهاية إلى الخلايا العصبية في الدماغ.
وتمكن العلماء من خلال هذه التجربة من تغيير طفيف في التوقيت وخليط المجموعات أو الحزم العصبية المنشطة لتحديد أي منها الأكثر أهمية، أي المركب الذي يميز الروائح عن بعضها.
واكتشف الباحثون أن تغيير ترتيب الحزم المنشطة في بداية تسلسل رائحة معينة، أدى إلى تقليل التعرف على الرائحة بنسبة 30 في المئة. وشبّه العلماء تنشيط الأعصاب بـ”العلامات الموسيقية للحن ما” كما هي الحال مع التعرف على أغنية، إذ يكون للتغييرات في بداية الأغنية تأثير أكثر أهمية من التغيير في نهايتها.
ويأمل رينبرغ في إجراء بحثه بشكل أعمق على الدماغ لمعرفة كيف تساعد مناطق أخرى من الأعضاء في إدراك الروائح بمجرد تلقيها معلومات من البصلة الشمية