أعلنت مصادر أمنية بحرية، أن قراصنة حاولوا اعتلاء ناقلة غاز طبيعي مسال قبالة السواحل الصومالية، قبل أن تتمكن السفينة من الإفلات عبر تنفيذ مناورات سريعة وتغيير مسارها في عرض البحر، في حادثة تُعد الثانية من نوعها خلال 24 ساعة، وسط مخاوف من عودة أنشطة القرصنة بعد سنوات من الهدوء.
كما ذكرت المصادر اليوم الجمعة أن الهجوم وقع في المياه المفتوحة قبالة الصومال، حيث رصد طاقم السفينة اقتراب زورقين سريعين، ما دفعهم إلى رفع السرعة وإرسال نداء استغاثة إلى مركز الأمن البحري البريطاني (UKMTO)، الذي أكد في وقت لاحق أن الناقلة "في أمان" وأن المهاجمين غادروا المنطقة، وفق رويترز.
وأوضح مصدر أمني بحري أن السفينة المستهدفة كانت تحمل شحنة من الغاز الطبيعي المسال متجهة إلى أحد موانئ آسيا، مضيفاً أن "الاستجابة السريعة من الطاقم حالت دون وقوع أي أضرار أو إصابات".
كما أضاف المصدر أن الحادث "يظهر تزايد محاولات القرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي الغربي خلال الأسابيع الأخيرة، بعد فترة طويلة من الانخفاض الحاد في هذه العمليات".
حادث مشابه أمس
أتى هذا الهجوم بعد حادث مماثل أمس الخميس، حيث حاول مسلحون الاستيلاء على سفينة شحن تجارية في المنطقة نفسها. وأكدت تقارير أمنية بحرية أن السفينة في تلك الواقعة تمكنت أيضاً من الهروب دون وقوع إصابات، في ما اعتبره الخبراء مؤشراً على عودة التهديدات القديمة التي كانت قد تراجعت منذ منتصف العقد الماضي.
وكانت منطقة القرن الأفريقي، لا سيما قبالة السواحل الصومالية، قد شهدت في العقد الأول من الألفية ارتفاعاً كبيراً في عمليات القرصنة، قبل أن تؤدي الدوريات الدولية المشتركة، وخصوصاً عملية أتلانتا التابعة للاتحاد الأوروبي، إلى تراجعها بشكل كبير اعتباراً من عام 2015.
تحذيرات دولية ومخاوف من التصعيد
في حين رأى محللون في الأمن البحري أن تصاعد الهجمات في هذه المنطقة الحساسة يثير القلق مجدداً، خاصة مع انخفاض الوجود العسكري الدولي في مياه خليج عدن وبحر الصومال خلال العامين الماضيين، بسبب إعادة توجيه الموارد نحو البحر الأحمر والممرات المتأثرة بالحرب في غزة واليمن.
وقال مركز الأمن البحري في القرن الإفريقي، التابع للبحرية البريطانية، إن "عودة نشاط القراصنة قد تهدد خطوط الملاحة العالمية، لا سيما ناقلات النفط والغاز التي تمر عبر واحد من أهم الممرات البحرية بين آسيا وأوروبا".
كما أشار خبراء إلى أن القراصنة الصوماليين يستغلون الفراغ الأمني، وغياب الدوريات المكثفة، إلى جانب الظروف الاقتصادية الصعبة في الداخل الصومالي، ما يدفع مجموعات صغيرة إلى إعادة إحياء نشاطها في أعالي البحار.
تهديد لحركة تجارة الطاقة
وتثير الهجمات المتكررة على ناقلات الغاز والنفط مخاوف شركات الشحن من ارتفاع تكاليف التأمين وتغيير مسارات النقل، بما قد ينعكس على أسعار الطاقة العالمية، خاصة في ظل اضطرابات أخرى تشهدها طرق التجارة عبر البحر الأحمر والبحر الأسود.
ورغم عدم وقوع إصابات في الحادثين الأخيرين، إلا أن مراقبين حذروا من أن استمرار هذه المحاولات قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من القرصنة تشبه تلك التي هددت التجارة العالمية قبل عقد من الزمن.
يشار إلى أنه بعد نحو عشر سنوات من التراجع، يبدو أن سواحل الصومال تشهد عودة تدريجية لنشاط القراصنة، وسط تحذيرات من أن التهاون في تأمين الممرات البحرية الدولية قد يعيد المنطقة إلى سنوات الخطر في "مثلث القرصنة" القديم بين خليج عدن والمحيط الهندي.