كشف تحقيق أجرته منصة يمنية مستقلة مختصة بالشأن العسكري عن استهداف مقاتلات أميركية وبريطانية لقاعدة حوثية استراتيجية تُستخدم لتجميع وإطلاق الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المُسيّرة، في منطقة "حيرة" الجبلية، الواقعة شمال غرب مدينة حرف سفيان بمحافظة عمران شمال اليمن.
وأوضح التحقيق الذي نشرته منصة "ديفانس لاين" أن الضربات الجوية التي نُفذت في 10 و11 نوفمبر استهدفت 6 مواقع رئيسية في منطقة "حيرة"، وهي منطقة نائية تتسم بتضاريسها الوعرة، ما جعلها ملاذاً استراتيجياً للحوثيين.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي استغلت الموقع لإقامة منشآت عسكرية تشمل مخابئ تحت الأرض، شبكة أنفاق، ومرافق تخزين، بالإضافة إلى قواعد إطلاق ثابتة ومتحركة للصواريخ والطائرات المسيّرة.
وتُعد منطقة "حيرة" امتداداً استراتيجياً لقيادة اللواء 29 ميكا (لواء العمالقة سابقاً) الواقع في الجبل الأسود. الموقع يطل على الطريق الرئيسي الرابط بين صنعاء-عمران-صعدة، ويتحكم بمثلث استراتيجي يربط عمران بمحافظة الجوف. وجعلت هذه الميزات الجغرافية المنطقة نقطة محورية لتنفيذ العمليات الحوثية ولوجستيات الإمداد.
وأشار التحقيق إلى أن جماعة الحوثي استغلت فترة الهدنة الأممية التي بدأت في أبريل 2022، لإجراء تغييرات واسعة في المنطقة، شملت شق طرق جديدة واستطلاع الأرض، مما أتاح لها توسيع منشآتها العسكرية.
وأكدت صور الأقمار الصناعية التي وثقتها خرائط "غوغل إرث" و"LivingAtlas" وجود تغييرات كبيرة في طبيعة التضاريس، مع تزايد الكهوف الصناعية والمنشآت تحت الأرض منذ بداية العام 2022.
وأوضح التحقيق أن الغارات الأخيرة استهدفت مواقع يُعتقد أنها كانت تُستخدم مؤخراً في عمليات إطلاق صواريخ وطائرات مُسيّرة.
كما أظهرت الصور الجوية مؤشرات على تعرض المواقع لضربات جوية سابقة خلال العام الجاري، مما يُرجح أن هذه المنطقة كانت محوراً لعمليات عسكرية متعددة ضد الجماعة.
وذكر التحقيق أن جماعة الحوثي فرضت تكتيمًا إعلاميًا كاملاً على طبيعة المواقع المستهدفة وحجم الخسائر، مما يعزز من فرضية أهمية هذه المواقع كركيزة لعملياتها العسكرية.
وبحسب التحقيق، فإن التضاريس الجبلية التي تتمتع بها منطقة "حيرة"، مع شبكة الأنفاق والمخابئ التي أنشأتها الجماعة ، تُعتبر عاملاً استراتيجياً يصعب اكتشاف وتدمير المنشآت العسكرية، مما يفسر تنفيذ هذه الضربات الدقيقة باستخدام معلومات استخباراتية متقدمة.
وأظهرت هذه الغارات استمرار التنسيق العسكري الأميريكي-البريطاني لضرب التهديدات الحوثية المرتبطة بإيران، والتي تُهدد الملاحة الإقليمية والدول المجاورة.
كما أبرزت تطور أساليب الرصد والاستهداف، مما يعكس استراتيجية جديدة للحد من قدرات الحوثيين العسكرية وتقليص نفوذهم في المناطق الشمالية.
ويشير التحقيق إلى أن استمرار بناء المنشآت العسكرية في مناطق نائية كهذه يُشكل تحدياً يتطلب تكثيف الجهود الاستخباراتية والتحركات الاستباقية لضمان تقويض قدرات الحوثيين بشكل مستدام.