
أكد باحثون أن الخلل الوظيفي في الميتوكوندريا، "مصانع" توليد الطاقة داخل الخلايا، يبدو أنه المسبب لأعراض مرض حرب الخليج الذي يعاني منه عشرات الآلاف من المحاربين القدامى.
وقد تؤدي هذه النتائج، التي نشرت في مجلة "ساينتيفك ريبورتس"، إلى تطوير علاجات فعالة لهذه الحالة التي أثرت على حياة المحاربين القدامى لأكثر من ثلاثين عاما.
وصرح قائد الدراسة الدكتور روبرت هالي، أستاذ الطب الباطني في قسم الأمراض المعدية والطب الجغرافي: "يظهر بحثنا أن هؤلاء المحاربين القدامى لا يعانون من تلف في الخلايا العصبية، وهو ما كان سيكون حالة مستعصية، بل من اختلال في توازن الطاقة، ما يشير إلى إمكانية استجابة أعراضهم للعلاجات الحديثة".
وأجريت الدراسة من قبل المركز الطبي الجنوبي الغربي بجامعة تكساس وأشرف عليها الدكتور سيرجي تشيشكوف، الأستاذ المساعد السابق للأشعة في المركز، والدكتور ريتشارد بريغز، الأستاذ المتقاعد في قسم الأشعة.
وخلال فترة حرب الخليج بين عامي 1990 و1991، تم نشر نحو 700 ألف جندي أمريكي في المنطقة. وعاد أكثر من 25% من هؤلاء الجنود وهم يعانون من مجموعة غامضة من الأعراض المزمنة تشمل التعب، الآلام، مشاكل في الذاكرة والتركيز، اضطرابات في التوازن، عدم تحمل الرياضة، والإصابة بالطفح الجلدي.
وتشير الأدلة المتزايدة إلى ارتباط هذه الحالة - المعروفة الآن باسم مرض حرب الخليج (GWI)، أو متلازمة حرب الخليج - بالتعرض المنخفض المستوى لغاز السارين العصبي. لكن الآلية التي أدى بها هذا التعرض إلى ظهور الأعراض ظلت غير واضحة.
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، استخدم الدكتور هالي وزملاؤه تقنية مطيافية الرنين المغناطيسي لفحص نسبة مادتين كيميائيتين في منطقة عميقة من الدماغ تعرف بالعقد القاعدية، التي تلعب دورا حاسما في تنسيق الحركة والمعالجة العاطفية.
وأظهرت الدراسات الأولية انخفاض النسبة بين إن-أسيتيل الأسبارتات والكرياتينين الكلي لدى المصابين بالمرض، لكن التقنيات المتاحة آنذاك لم تسمح بتحديد ما إذا كان هذا الانخفاض ناتجا عن تلف في الخلايا العصبية أو خلل في وظيفة الميتوكوندريا.
وباستخدام أحدث تقنيات مطيافية الرنين المغناطيسي، تمكن الباحثون من تحديد أن انخفاض النسبة لدى المصابين بمرض حرب الخليج يعود إلى ارتفاع مستويات الكرياتينين الكلي، ما يشير إلى خلل في وظيفة الميتوكوندريا.
وأوضح الدكتور هالي أن خلل الميتوكوندريا في الدماغ يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن، ما يفسر عمليا جميع أعراض المرض.
ويواصل الفريق البحثي حاليا دراسة الكيفية التي يتسبب بها التعرض المنخفض المستوى لغاز السارين في إضعاف وظيفة الميتوكوندريا، على أمل التوصل إلى علاجات مستقبلية يمكنها تخفيف حدة هذا الالتهاب المزمن وإغاثة المصابين.
المصدر: ميديكال إكسبريس