2025/09/10
بين أسابيع لأشهر.. تباطؤ الإنترنت يطال نصف المستخدمين

 

 

تعود خدمات الإنترنت تدريجياً إلى طبيعتها، بعد الأعطال الأخيرة التي أصابت الكابلات البحرية في البحر الأحمر، والتي تمر عبرها أكثر من 95 % من البيانات الدولية، ورغم أن الفرق الفنية نجحت في إعادة توجيه جزء كبير من الحركة الرقمية عبر مسارات بديلة، فإن الإصلاح الكامل للكابلات المتضررة، قد يستغرق عدة أسابيع، بل ويمكن أن تصل إلى أشهر، بحسب خبراء في القطاع، نظراً إلى تعقيد العمليات تحت البحر الأحمر، والاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة.

 

وتصل تكلفة إصلاح الكابل الواحد إلى نحو 3 ملايين دولار، بينما قد تتجاوز الخسائر غير المباشرة 24 مليون دولار للحادثة الواحدة، ما يسلط الضوء على الأبعاد الاقتصادية العميقة لهذه الانقطاعات.

 

كابلات تالفة

أفادت تقارير أولية، نقلتها وكالة أسوشيتد برس، عن جون وورتسلي مدير العمليات في اللجنة الدولية لحماية الكابلات البحرية ICP، أن التحليلات المستقلة، تشير إلى أن الأضرار التي لحقت بالكابلات، ناتجة على الأرجح عن نشاط الملاحة التجارية في المنطقة. ولفت إلى أن سحب المراسي من السفن التجارية، يُعد السبب الرئيس في نحو 30 % من حالات تلف الكابلات سنوياً، أي ما يعادل قرابة 60 حادثاً عالمياً.

 

وأوضح وورتسلي أن عمليات إصلاح الكابلات البحرية معقدة بطبيعتها، وتستغرق عادة أسابيع لإتمامها، مشيراً إلى أن الوضع في البحر الأحمر يزداد تعقيداً، بفعل التوترات الجيوسياسية، التي تواجه الملاحة في المنطقة، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول أمن وسلامة البنية التحتية للإنترنت، وكيفية حماية خطوط الاتصال الحيوية، التي تعتمد عليها الحكومات والشركات والمستخدمون حول العالم.

 

وحسب المعلومات، أثّر الحادث بشكل مباشر في خدمات الإنترنت في نحو نصف سكان العالم، وشمل عدد دول بينها: الهند، وباكستان، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والأردن، والسعودية، واليمن، وكينيا، وتنزانيا، وجنوب أفريقيا، إضافة إلى دول أخرى في المنطقة.

 

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حددت السلطات في عدة دول الكابلات المتضررة، وهي كابل «جنوب شرق آسيا - الشرق الأوسط - غرب أوروبا 4»، وكابل «الهند - الشرق الأوسط - غرب أوروبا»، وكابل «فالكون جي سي إكس»، وتوسعت هذه القائمة، الثلاثاء، لتشمل كابل «بوابة أوروبا والهند» أيضاً، بحسب ما أعلنه مدير تحليل الإنترنت في شركة «كينتيك»، دوج مادوري.

 

الممر الملاحي

ووفقاً للجنة الدولية لحماية الكابلات، فإن نحو 15 كابلاً بحرياً حيوياً تمر عبر مضيق باب المندب، الممر الملاحي الاستراتيجي، الذي يربط البحر الأحمر بالخليج العربي، ويفصل بين شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. ويُعد هذا المضيق من أكثر الممرات ازدحاماً في العالم، ويمثل شرياناً رئيساً للتجارة العالمية والاتصالات الدولية.

 

ويحذر المراقبون من أن أي توقف طويل الأمد في هذه الكابلات، قد يترك تأثيرات اقتصادية واجتماعية عميقة، خصوصاً في الدول النامية، التي تعتمد بشكل أساسي على الإنترنت في التجارة، والتعليم، والخدمات الحكومية. مشيرين إلى أن نحو 99 % من الاتصالات الدولية عبر الإنترنت، تعتمد على الكابلات البحرية، بينما تُستخدم الأقمار الصناعية فقط كبدائل محدودة وبطيئة نسبياً.

 

خدمات الإنترنت

أكد مزودو خدمات الاتصالات في الإمارات، أن بعض العملاء قد يواجهون بطئاً مؤقتاً في خدمات الإنترنت والبيانات، نتيجة انقطاع في الكابلات البحرية الدولية. وتعمل الفرق الفنية على مدار الساعة، بالتنسيق مع الشركاء العالميين، لمعالجة المشكلة، وضمان عودة الخدمة إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن، مع الحرص على إبقاء العملاء على اطلاع بالمستجدات أولاً بأول.

 

خسائر مالية باهظة

يقول ديفيد أبِت شريك مساعد في قسم الاستراتيجية والتحوّل – قطاع التكنولوجيا والإعلام والاتصالات لدى شركة إف تي آي كونسلتينج: تؤدي الأعطال التي تصيب الكابلات البحرية إلى خسائر مالية كبيرة. ووفقاً للجنة الدولية لحماية الكابلات ICPC، فإنّ كل عطل يطرأ على كابل اتصالات تتراوح كلفة إصلاحه عادةً بين مليونين وخمسة ملايين دولار.

 

ويضيف أبِت: لا تقتصر الخسائر على تكاليف الإصلاح فحسب، بل إنّ الأثر الاقتصادي الناتج عن انقطاع خدمات الاتصال، يُعدّ أكثر جسامة، حيث قدّرت اللجنة الدولية لحماية الكابلات، أنّ تعطّل الخدمات قد يُكلّف أكثر من خمسة ملايين دولار في الساعة الواحدة من الإيرادات المفقودة، وهو رقم ظهر جلياً عقب الزلزال الذي ضرب تايوان عام 2006، وتسبّب في قطع 9 كابلات بحرية، ما أدّى إلى تعطّل الاتصال الإقليمي لأسابيع عدّة. وتؤكّد تحليلات حديثة للأمم المتحدة وهيئات صناعية، أنّ هذه الانقطاعات قادرة على إحداث شلل في الأسواق المالية، وسلاسل الإمداد، وقنوات الاتصال الحكومية، ما يؤثّر في استقرار قطاعات حيوية في مناطق بكاملها.

 

فرصة إماراتية

بدأت شركات الاتصالات والتكنولوجيا، على الصعيدين العالمي والإقليمي، باستكشاف ممرّات برّية جديدة، تمرّ عبر الإمارات أو سلطنة عُمان باتجاه السعودية، ثم تعبر إلى أوروبا عبر العراق وتركيا أو الأردن وسوريا في بعض المشاريع الحديثة. وتهدف هذه المسارات إلى تجاوز نقاط الاختناق البحرية، وتوفير طبقات إضافية من المرونة والموثوقية. وبفضل الموقع الجغرافي الاستراتيجي للإمارات، عند تقاطع آسيا وأفريقيا وأوروبا، أمام الدولة فرصة استثنائية لقيادة هذا التحوّل، وترسيخ مكانتها مركزاً رقمياً مرناً ومستداماً.

 

وفي ظل العصر الرقمي الراهن، يمرّ أكثر من 95% من حركة البيانات الدولية عبر الكابلات البحرية، ما يجعلها عصب الاقتصادات الحديثة، فهي لا تقلّ أهمية عن الممرات الجوية، والموانئ، وشبكات نقل الطاقة. وعندما تنقطع هذه الكابلات، تتداعى التأثيرات كأحجار الدومينو: يتجمّد شريان المال، وتتعثّر عجلة الأعمال، ويجد الأفراد أنفسهم معزولين عن النبض الرقمي، الذي بات جزءاً من حياتهم اليومية.

 

الأضرار الجانبية

وتقول آنا زايتلين شريكة في مجال التكنولوجيا والخدمات المالية في شركة آدِلشو جودارد: نشهد حالياً توسّع تأثير الأحداث الجيوسياسية الأخيرة، إذ باتت الأضرار الجانبية تطال البنية التحتية للمنطقة. وتبلغ تكلفة الإصلاح لكل كابل متضرر بين 1 و3 ملايين دولار، ويمكن أن يصل الرقم إلى 20–30 مليون دولار في مناطق النزاعات. أما الخسائر غير المباشرة، فتقدَّر بنحو 24 مليون دولار للحادثة الواحدة في الولايات المتحدة، ومع اتساع نطاق الدول المتأثرة في الشرق الأوسط، فمن المرجح أن تكون التكاليف أعلى بكثير.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الشبكة العربية للأنباء https://arabnn.news - رابط الخبر: https://arabnn.news/news76072.html