كشفت إحدى المحاكم النقاب للمرة الأولى عن نزاع قانوني محتدم بين شركة أبل والحكومة البريطانية، حيث تسعى الأخيرة لإجبار الشركة على منحها حق الوصول إلى أنظمة تخزينها الأكثر حماية، على السحابة الرقمية.
ورفضت محكمة صلاحيات التحقيق محاولة الحكومة البريطانية لإبقاء «التفاصيل الأساسية» للتقاضي سراً، وذلك بعد ضغوط من جماعات الخصوصية ووسائل الإعلام، بما في ذلك صحيفة فاينانشيال تايمز، للمطالبة بالشفافية.
وقالت المحكمة في نسخة علنية موجزة من حكم أطول ظل سرياً: «لا نقبل الادعاء بأن الكشف عن التفاصيل الأساسية للقضية سيلحق ضرراً بالمصلحة العامة أو يمس الأمن القومي، ما يمثل انتصاراً لمبدأ الشفافية في قضايا الخصوصية الرقمية».
وكانت وزارة الداخلية البريطانية قد أصدرت في يناير «إشعاراً بمتطلبات تقنية» وطلبت من الشركة توفير إمكانية الوصول إلى النسخ الاحتياطية لهواتف آيفون، ما دفع الشركة العملاقة لرفع دعوى قضائية أمام المحكمة في الشهر التالي مباشرة.
ولا تزال الإجراءات القضائية مستمرة، إذ لم تقدم وزارة الداخلية دفاعها بعد وفقاً لحكم المحكمة الصادر يوم الاثنين، فيما تبقى التفاصيل والظروف الكاملة للإشعار مجهولة حتى الآن.
وكانت وزارة الداخلية طالبت المحكمة بإبقاء تفاصيل القضية سرية، بما في ذلك أسماء الأطراف، مدعية أن الكشف عن المعلومات «سيضر بالأمن القومي»، غير أن شركة أبل عارضت هذا الطلب بشدة، حسبما أظهر الحكم الصادر يوم الاثنين عن القاضيين اللورد سينغ والسيد جونسون.
ورفضت أبل التعليق على الحكم، مكتفية بالإشارة إلى تصريح سابق: «كما قلنا مراراً وتكراراً، لم نقم أبداً ببناء باب خلفي أو مفتاح رئيس لأي من منتجاتنا أو خدماتنا، ولن نفعل ذلك أبداً».
وكانت الشركة قد سحبت في وقت سابق من العام نظام حماية البيانات المتقدم لخدمة «آي كلاود» من المملكة المتحدة نتيجة لطلب وزارة الداخلية للوصول إلى البيانات. وتقدمت مؤسسات إعلامية بريطانية، بينها فاينانشال تايمز، وجماعات مناصرة للحقوق المدنية مثل «ليبرتي» و«برايفسي إنترناشيونال» و«بيغ براذر ووتش» بمرافعات إلى المحكمة تطالب بعدم نظر القضية خلف أبواب مغلقة.
وقالت ريبيكا فنسنت، المديرة المؤقتة لمجموعة «بيغ براذر ووتش» الحقوقية، يوم الاثنين: «يمثل أمر وزارة الداخلية بكسر التشفير هجوماً هائلاً على حقوق الخصوصية لملايين المستخدمين البريطانيين لأجهزة أبل، وهي قضية ذات مصلحة عامة كبيرة لا ينبغي مناقشتها خلف أبواب مغلقة».
وأضافت: «سنواصل حملاتنا لحماية حقوق الخصوصية في مواجهة هذه التهديدات وغيرها الموجهة ضد التشفير؛ فبمجرد كسره لأي شخص، يصبح مكسوراً للجميع».
من جهتها، أفادت وزارة الداخلية البريطانية بأنها لا تعلق على الإجراءات القانونية أو المسائل التشغيلية، بما في ذلك تأكيد أو نفي وجود إشعارات فردية.
وأوضحت الوزارة أن «إشعارات القدرات التقنية» بحد ذاتها لا توفر الوصول إلى البيانات، مشيرة إلى ضرورة وجود مذكرات وتصاريح ذات صلة.
وشددت الوزارة على أن «الحكومة تؤمن بحماية الخصوصية وضمان إمكانية التحقيق في أخطر الجرائم والتهديدات الإرهابية أو إيقافها». وقالت «فلنكن واضحين، الاختيار ليس بين السلامة العامة والخصوصية. فنحن يمكننا، بل يجب علينا، تحقيق كليهما».