سجلت أسعار الذهب وبيتكوين مستويات قياسية تاريخية خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك مع استمرار دعم المستثمرين لهما بالتزامن مع القلق وحالة عدم اليقين بشأن التطورات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة.
وحطم الذهب حاجز الـ4000 دولار للأونصة يوم الأربعاء الثامن من أكتوبر، فيما سجلت عملة بيتكوين، وهي أقدم وأشهر عملة رقمية في العالم، يوم الأحد الماضي الخامس من أكتوبر الجاري، رقماً قياسياً جديداً عندما تجاوزت حاجز الـ125 ألف دولار لأول مرة، قبل أن تتراجع قليلاً.
وبحسب تقرير نشرته شبكة "دويتشة فيلة" الألمانية، واطلعت عليه "العربية Business"، فقد كان عام 2025 عاماً حافلاً بالنجاحات لكلا المعدنين، حيث شهد الذهب أكبر ارتفاع له منذ سبعينيات القرن الماضي بعد أن قفز سعره بأكثر من 50% منذ الأول من يناير، فيما شهدت عملة بيتكوين بعض الانخفاضات خلال عام 2025 المضطرب، لكن قيمتها ارتفعت بنحو الثلث منذ بداية العام.
ويقول التقرير إن التوترات والقلق هي السبب وراء ارتفاع الذهب الذي "يُعتبر ملاذاً آمناً يعتمد عليه المستثمرون خلال فترات عدم اليقين، وقد شهد ارتفاعاً حاداً منذ أواخر عام 2018، حيث زادت قيمته بأكثر من 300% منذ ذلك الحين".
ويضيف: "كان عدم اليقين عاملاً في الارتفاع الحالي، حيث أثارت الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل الماضي المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، واستدامة مستويات الدين الحكومي الأميركي، ومستقبل الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية، كما كان هناك أيضاً حالة من عدم اليقين الجيوسياسي المستمر نتيجة لحرب روسيا في أوكرانيا والحرب في غزة".
الإغلاق الحكومي
ومن العوامل الأخرى التي ظهرت مؤخراً إغلاق الحكومة الأميركية، حيث يُنظر إلى الذهب على نطاق واسع من قِبَل المستثمرين كخيار بديل للدولار الأميركي، الذي انخفضت قيمته بشكل حاد هذا العام، بحسب التقرير.
كما استفاد الذهب من تراجع دعم الين الياباني كملاذ آمن. وارتفعت الأسهم اليابانية يوم الاثنين الماضي بعد تأكيد انتخاب ساناي تاكايشي زعيمةً للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، مما يجعلها أول رئيسة وزراء للبلاد، فيما استمر الين في التراجع.
وصرح كبير محللي السوق في شركة "كيه سي إم تريد" تيم ووترر: "إن ضعف الين على خلفية انتخابات الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني قلّص عدد أصول الملاذ الآمن التي يلجأ إليها المستثمرون، وقد استفاد الذهب من ذلك".
وأضاف: "إن استمرار إغلاق الحكومة الأميركية يعني أن سحابة من عدم اليقين لا تزال تخيم على الاقتصاد الأميركي، وعلى الحجم المحتمل لأي تأثير على الناتج المحلي الإجمالي".
ويقول الخبراء إن الارتفاع الحالي في سعر الذهب يتجاوز مجرد الشكوك حول مستقبل الاقتصاد الأميركي، بل والاقتصاد العالمي. ويشير العديد من المحللين إلى ارتفاع الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب مع تزايد عدد المستثمرين من خلفيات متنوعة الراغبين في الاستثمار.
وكتب محللو "دويتشه بنك" في مذكرة للعملاء: "إن عودة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة بقوة إلى الساحة تعني وجود نوعين من عروض الشراء المغامر على الذهب، من البنوك المركزية ومستثمري صناديق الاستثمار المتداولة".
ولطالما اشترت البنوك المركزية حول العالم الذهب، لكن الطلب الجديد على صناديق الاستثمار المتداولة عزز هذا الارتفاع الحالي، حيث تُظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن لجنة تداول السلع الآجلة الأميركية (CFTC) أن صناديق التحوط تمتلك الآن احتياطيات قياسية من الذهب بقيمة 73 مليار دولار.
دعم قوي من ترامب لبيتكوين
أما فيما يتعلق ببيتكوين فيقول تقرير "دويتشة فيلة" إن الارتفاع القياسي الحالي يعود بشكل كبير إلى إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، حيث ساهم دعمه الواضح والمعلن للعملات الرقمية في زيادة الطلب والثقة في هذا القطاع.
ومع ذلك، هناك أدلة على أن المزيد من المستثمرين المؤسسيين يستثمرون في بيتكوين، على غرار الاتجاه الذي شهده الذهب، حيث أصبحت هذه السلعة مفضلة كبديل عن رهانات أخرى، مثل الدولار الأميركي، كما يبدو أن التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة تجذب المستثمرين إلى زيادة مخاطر الاستثمار في هذه الأصول.
ويرى العديد من المراقبين أن قيمة الذهب وبيتكوين ستستمر في الارتفاع، مع توقع تحقيق إنجازات جديدة.
وقال المحلل المالي جيفري كندريك: "أتوقع أن ترتفع قيمة بيتكوين طوال فترة الإغلاق الحكومي، وستصل قريباً إلى 135 ألف دولار".