الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - تكنولوجيا و صحة - ملابسك تشحن هاتفك.. وداعاً للبطاريات التقليدية

ملابسك تشحن هاتفك.. وداعاً للبطاريات التقليدية

الساعة 06:01 مساءً

 

 

 

تخيل عالماً لا تحتاج فيه أبداً لشحن ساعتك الذكية، أو سماعات الأذن، أو أجهزة مراقبة الصحة. في هذا العالم يصبح جسدك مصدر الطاقة المتجددة بامتياز. هذا الحلم أصبح الآن على أعتاب التحقق بفضل تطور مذهل في عالم الأقمشة الذكية، التي يمكنها توليد الكهرباء من أبسط حركات الجسم اليومية، حتى مجرد المشي أو تنفسك!

 

الطاقة ذاتية التشغيل

هذا الابتكار، الذي يعمل على تطويره باحثون حول العالم في جامعات ومختبرات متخصصة (مثل جامعة واترلو في كندا وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة)، يمثل قفزة نوعية نحو مفهوم الطاقة ذاتية التشغيل، ملغياً الحاجة الملحة للبطاريات التقليدية.

تعتمد هذه الأنسجة المبتكرة على مبادئ فيزيائية متقدمة، أبرزها التأثير البيزوكهربائي (Piezoelectric Effect)، وتستخدم بعض المنسوجات المتقدمة مواد «بيزوكهربائية» (مثل البوليمرات والخزف) مدمجة في الألياف. هذه المواد لديها قدرة فريدة على توليد شحنة كهربائية عند تعرضها لضغط ميكانيكي أو إجهاد، تماماً كما يحدث عند ثني الركبة أو حركة الذراع. تحوّل هذه المواد الطاقة الحركية المهدرة إلى طاقة كهربائية قابلة للاستخدام.

كما تعتمد تقنيات أخرى على مبدأ توليد الكهرباء الساكنة بالاحتكاك (Triboelectricity). عند حركة القماش، تحتك طبقاته ببعضها (مصنوعة من مواد مختلفة مثل ألياف الكربون النانوية أو مركبات البوليمرات الموصلة)، مولّدة شحنة كهربائية يمكن تسخيرها.

لقد نجح الباحثون في تطوير مواد قادرة على توليد كمية جيدة من الجهد (وصلت في بعض التجارب إلى نحو 29 فولتاً من جهاز بحجم الكف يعتمد على الاهتزازات) قابلة للاستغلال لتشغيل أجهزة الاستشعار منخفضة الطاقة.

 

تطبيقات تتجاوز الملابس

لا يقتصر دور هذا النسيج الذكي على شحن هاتفك أثناء المشي فحسب، بل يمتد إلى قطاعات حيوية. يمكن دمج هذه الأنسجة في ملابس الرياضيين أو المرضى لتوفير طاقة مستمرة لأجهزة استشعار معدل ضربات القلب، ومراقبة الحركة، وحتى اكتشاف المؤشرات الكيميائية في التنفس للكشف عن الفيروسات أو الأمراض (جامعة واترلو). وفي المستقبل، يمكن أن تُستخدم هذه التقنية لتوفير طاقة ذاتية لأجهزة تنظيم ضربات القلب أو أجهزة الاستشعار الطبية التي تُزرع داخل الجسم، بالاعتماد على حركة تدفق الدم أو الحركات الداخلية الأخرى، ما يقلل الحاجة إلى العمليات الجراحية لتغيير البطاريات.

يمكن أن تُشغل هذه الأقمشة أجهزة الاستشعار اللاسلكية في المباني والمناطق النائية، ما يضمن عملها لسنوات دون الحاجة إلى تدخل أو شحن. إن هذا الابتكار لا يعد بملابس ذكية فقط، بل يعد بمستقبل تكون فيه البطاريات الكبيرة والأسلاك المعقدة شيئاً من الماضي، حيث تصبح كل خطوة تخطوها وكل نفس تتنفسه مصدراً نظيفاً ومستداماً للطاقة.