كشفت دراسة حديثة عن حقيقة مفاجئة: أنظمة الذكاء الاصطناعي تستهلك ما يصل إلى 500 مليلتر من الماء، أي ما يعادل زجاجة واحدة، لكل محادثة قصيرة يجريها المستخدم.
هذه الكمية نفسها من الماء تُستخدم تقريباً لكتابة رسالة بريد إلكتروني مكونة من 100 كلمة.
لا يكمن استهلاك الماء في الروبوتات نفسها، بل في البنية التحتية الهائلة التي تدعمها.
تعتمد روبوتات الدردشة الشهيرة على آلاف الخوادم في مراكز بيانات ضخمة حول العالم. هذه الخوادم تولد حرارة هائلة، ويتطلب تبريدها كميات ضخمة من الماء.
كما أن جزءاً من هذا الاستهلاك المائي يذهب لتبريد محطات توليد الكهرباء التي تشغل هذه الأنظمة على مدار الساعة.
لفت الفريق، التابع لجامعة كولورادو ريفرسايد وجامعة تكساس أرلينغتون في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن البصمة المائية لنماذج الذكاء الاصطناعي ظلت حتى الآن بعيدة عن الأنظار.
لكن الدراسة أشارت أيضاً إلى أن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للمياه يمكن أن يختلف اختلافاً كبيراً، اعتماداً على مكان وزمان تشغيل الحاسوب الذي يُجيب على الاستعلام.
وبينما قد لا تبدو زجاجة ماء واحدة كمية كبيرة، إلا أن البصمة المائية الإجمالية لهذه الأجهزة تصبح ضخمة للغاية عند النظر إلى وجود مليارات المستخدمين لروبوتات الدردشة حول العالم. هذا الاستهلاك ظل حتى الآن بعيداً عن الأنظار.
ومع ذلك، فإن كمية المياه المستخدمة ليست ثابتة. فالزمان والمكان يلعبان دوراً حاسماً.
يمكن لمراكز البيانات في المناطق الباردة والرطبة أن تعتمد بشكل كبير على الهواء الخارجي للتبريد، مما يقلل استهلاكها للمياه بشكل كبير مقارنة بالمواقع الحارة.
وفي منتصف النهار خلال موجة الحر، تعمل أنظمة التبريد لساعات إضافية، بينما يقل استهلاك المياه بشكل كبير في الليل.
لمواجهة هذا التحدي، بدأ الباحثون والشركات في استكشاف حلول مبتكرة. أحد البدائل الواعدة هو غمر الخوادم في سوائل غير موصلة للكهرباء، مثل الزيوت الاصطناعية، مما يقلل التبخر بشكل شبه كامل.
كما قدمت شركة "مايكروسوفت" تصميماً جديداً يعتمد على تدوير سائل خاص عبر أنابيب مُحكمة الغلق مباشرة عبر شرائح الكمبيوتر، ليمتص السائل الحرارة ويطلقها دون الحاجة إلى التبخر.
بينما تعد هذه الابتكارات خطوة هامة نحو مستقبل أكثر استدامة، إلا أن اعتمادها لا يزال محدوداً بسبب تكلفتها وتعقيد صيانتها وصعوبة تحويل مراكز البيانات الحالية إلى أنظمة جديدة.
يبقى التحدي قائماً، ويجب على قطاع التكنولوجيا أن يواجه هذه "العطش" المتزايد للبيانات بالبحث عن حلول جذرية توازن بين الابتكار والموارد الطبيعية.