نجحت الإمارات في 10 يوليو 2025 في أن تكون منطلقاً لتطور تاريخي في ملف السلام بين أرمينيا وأذربيجان، بعد عقود من الصراع الدامي في جنوب القوقاز. ففي خطوة غير مسبوقة، اجتمع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان وجهاً لوجه على أرض الإمارات، في محاولة لنزع فتيل النزاع وإطلاق حوار مباشر حول مسائل على رأسها ترسيم الحدود وفتح ممرات الطاقة والتجارة.
استقبلت الإمارات القمة بروح الحياد البنَّاء، مع تعهد واضح من قيادتها بدعم جهود الوفاق الإقليمي والدولي، حيث هنأ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نظيره الأذربيجاني ورئيس وزراء أرمينيا على هذا الإنجاز الدبلوماسي، مؤكداً حرص الإمارات على ترسيخ الأمن والسلام الإقليمي عبر بناء جسور الحوار.
وفي السياق، أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس دولة الإمارات، عبر حسابه في منصة "إكس"، أن الجهود الحكيمة التي قادها صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مهدت لاتفاق السلام التاريخي في واشنطن بين أذربيجان وأرمينيا.
واعتُبر الدور الإماراتي نقطة تحول في آليات إدارة الصراعات، إذ يعكس النموذج الإماراتي في الوساطة مكانة الدولة كمنصة موثوقة للحوار وصنع السلام بعيداً عن الاستقطاب الجيوسياسي الذي لطالما طبع المنطقة.
واتسعت المحادثات في أبوظبي لتشمل ملفات حساسة مثل: ترسيم الحدود وفق خرائط ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وفتح ممرات استراتيجية مثل "ممر زنغزور"، وتبادل الأسرى والمفقودين. وضمانات دولية بعدم الاعتداء واحترام السيادة الوطنية، ووضع آليات تدريجية لإعادة العلاقات التجارية والثقافية بين شعبي البلدين.
مهدت هذه المباحثات الطريق نحو التوصل إلى اتفاق تاريخي وُقع لاحقاً في العاصمة الأمريكية واشنطن، ليعلن رسمياً وقف الأعمال العدائية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ورحبت دولة الإمارات بهذا الاتفاق مؤكدة دعمها التام لكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القوقاز، مشيدةً بشجاعة الطرفين في اتخاذ خطوات جريئة نحو السلام الدائم.
وأشادت المحللة السياسية الأذرية الدكتورة زوريا غاراييفا، باجتماع أبوظبي الذي عكس تنامي اهتمام الإمارات ومكانتها الجيوسياسية في جنوب القوقاز، إذ تحافظ على علاقات متوازنة مع الطرفين قائمة على مشاريع الطاقة والنقل والاقتصاد الأخضر، وتسعى إلى لعب دور وسيط اقتصادي مستدام، في نهج جديد يربط الاستقرار بالاندماج الاقتصادي، مشيرة إلى أن مستقبل المنطقة لم يعد يُرسم فقط بين الشرق والغرب، بل أيضاً عبر بوابة الإمارات التي ترسخ حضورها في "نادي الوسطاء العالميين" الموثوقين.
ورغم أن اتفاق واشنطن هو المحطة النهائية لمسار المفاوضات، إلا أن انطلاقتها من الإمارات شكّلت لحظة فارقة في بناء الثقة بين الطرفين، وفتحت الباب أمام تسوية تاريخية لصراع دام عقوداً، وبذلك، تكرس الإمارات دورها كوسيط إقليمي ودولي موثوق، وتقدم نموذجاً لقيادة دبلوماسية متزنة تضع السلام والازدهار في صميم سياساتها الخارجية.