أرسلت إدارة البيت الأبيض الأسبوع الماضي إرشادات توظيف جديدة إلى الوكالات الفيدرالية، تتضمن ما وصفه موظفون فدراليون، إضافة إلى منتقدي إدارة ترامب، بأنه يشبه "اختبار ولاء رئاسي".
وينظر إلى هذه الإرشادات، التي تهدف نظريا إلى تعزيز التوظيف القائم على الجدارة، على أنها خطوة جديدة من الإدارة نحو تسييس جهاز الخدمة المدنية، وهو ما يهدد، بحسب المنتقدين، بتقويض تقاليد وقوانين استمرت لأكثر من قرن، وتهدف إلى حماية الموظفين المهنيين من التدخلات السياسية.
ووفقًا لهذه التوجيهات، سيطلب من المرشحين لوظائف في الخدمة المدنية، بما في ذلك عمال النظافة والممرضون والجراحون والمهندسون والمحامون والاقتصاديون، الإجابة على أربعة أسئلة تقيس مستوى وطنيتهم ومدى دعمهم لسياسات الرئيس. ويفترض أن تتم الإجابة بصيغة مقالية لا تتجاوز 200 كلمة، مع تأكيد خطي بأن الإجابة لم تتم بمساعدة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence).
ومن بين هذه الأسئلة، يلفت السؤال الثالث الانتباه بشكل خاص، إذ يسأل: "كيف يمكنك المساعدة في تعزيز الأوامر التنفيذية وأولويات السياسات الخاصة بالرئيس في هذا الدور؟"، ويتابع: "حدد أمرا تنفيذيا أو اثنين من المبادرات السياسية التي تراها ذات أهمية بالنسبة لك، واشرح كيف يمكنك الإسهام في تنفيذها في حال تم توظيفك".
وترى جيري بوخولز، كبيرة مسؤولي الموارد البشرية السابقة في وكالة "ناسا"، والتي ترأست إدارة الموارد البشرية في عدد من الوكالات الفيدرالية على مدار عقود، أن هذه الأسئلة لا تمت بصلة إلى مبدأ الجدارة أو الكفاءة.
وقالت: "عندما تجري عملية توظيف، يتوجّب قانونا التركيز على المعرفة والمهارات والقدرات المطلوبة للوظيفة. أما هذه الأسئلة، فهي أقرب إلى الفلسفة منها إلى تقييم القدرات، ولا أرى كيف يمكن تقييمها بشكل موضوعي".
وحذرت بوخولز من أن هذه الأسئلة قد تعرقل عملية التوظيف بدلاً من تسريعها، وهو ما يتعارض مع الهدف المعلن لتلك الإرشادات. كما أشار مسؤول حالي في الموارد البشرية الفيدرالية لموقع "Government Executive" إلى أن هذه الخطط مجتمعة "ستجعل التوظيف أكثر صعوبة، لا أكثر سهولة".
وكتب أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ستانفورد" آدم بونيكا، في مقال على منصة "Substack" إن "خدمة مدنية قائمة على الجدارة، استغرق بناؤها أجيالا، يتم الآن تفكيكها بموجب مذكرة".
ومن جهتها، دافعت إدارة مكتب شؤون الموظفين عن الأسئلة، واعتبرتها قانونية وتقع ضمن صلاحيات الرئيس الدستورية.
وقال أحد المسؤولين: "لدى الرئيس سلطة الإشراف على السلطة التنفيذية، وصلاحية قانونية واضحة لطرح هذه الأسئلة على الموظفين المحتملين. وما يفعله ليس فرض اختبار ولاء".
وأضاف أن القانون يُلزم العاملين في الوكالات بالامتثال للأوامر التنفيذية والسياسات الصادرة عن الرئيس ما دامت قانونية، ولذلك فمن المعقول، حسب قوله، طلب أمثلة من المرشحين حول السياسات التي يتحمسون لدعمها. وأشار إلى أن الوكالات هي التي ستقرر ما إذا كانت ستستخدم هذه الأسئلة، وكيف ستستخدمها.
يذكر أن البيت الأبيض قد أقال أو دفع أكثر من 100 ألف موظف فيدرالي إلى الاستقالة، ما أدى إلى فقدان عدد كبير من الكفاءات الحكومية.
ورأى ماكس ستير، رئيس مؤسسة "الشراكة من أجل الخدمة العامة" (Partnership for Public Service)، أن الإدارة بصدد استبدال هؤلاء الموظفين المهنيين بعناصر موالية سياسيًا. وقال: "إنهم يفرغون المؤسسات من الخبراء غير الحزبيين، ويعيدون ملأها بالموالين".
ويعتبر هذا التوجه جزءا من خطة أوسع لدى الرئيس ترامب لتجنّب المعارضة البيروقراطية التي واجهها خلال ولايته الأولى، حيث عبّر مرارا عن استيائه من ما وصفه بـ"الدولة العميقة"، ويسعى خلال هذه الولاية إلى ضمان عدم تكرار هذا السيناريو.
المصدر: "أكسيوس"