وصفت دار الإفتاء المصرية الفتاوى والدعوات إلى وجوب الجهاد المسلح من جميع المسلمين ضد الاحتلال الإسرائيلي بأنها تفتقر إلى الأسس الشرعية وتهدد استقرار المجتمعات الإسلامية.
وأصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا رسميا اليوم (الإثنين) ردًا على دعوات أطلقها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجهات أخرى تدعو إلى وجوب الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي وتطالب الدول الإسلامية بالتدخل العسكري الفوري وفرض حصار مضاد على إسرائيل، مؤكدة أن هذه مثل هذه الدعوات تفتقر إلى الأسس الشرعية وتهدد استقرار المجتمعات الإسلامية.
وفي بيانها شددت دار الإفتاء على أن الجهاد مفهوم شرعي يخضع لشروط وأركان دقيقة، ولا يجوز لأي جهة أو جماعة أن تتولى إعلانه بمعزل عن الدولة الشرعية وقيادتها السياسية.
وأوضحت أن دعم الشعب الفلسطيني واجب إنساني وشرعي لكن يجب أن يتم بما يحقق مصلحته بعيدًا عن "مغامرات غير محسوبة" قد تؤدي إلى مزيد من الدمار والتهجير، وأن الشريعة تأمر بتقدير المصالح والمفاسد، داعية إلى توجيه الجهود نحو إيقاف التصعيد بدلاً من تعميق الأزمة.
كما انتقدت دار الإفتاء المصرية الدعوات التي تحرض الأفراد على مخالفة دولهم، واصفة إياها بأنها "دعوة للفوضى والإفساد في الأرض"، محذرة من القرارات المتسرعة التي لا تراعي واقع الأمة وقدراتها السياسية والعسكرية.
وقالت الدار إن من يطلق هذه الدعوات يجب أن يكون في مقدمة الصفوف على غرار نهج النبي محمد عليه السلام بدلا من "استثارة العواطف" وترك الآخرين لمواجهة العواقب، داعية إلى "التحلي بالحكمة والبصيرة" وعدم الانسياق وراء شعارات تفتقر إلى الواقعية.
وأثارت فتوى أصدرها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوجوب الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتدخل العسكري الفوري من الدول الإسلامية دعما للمقاومة الفلسطينية، وإلغاء جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل، جدلاً واسعًا حيث رحبت بها بعض الجماعات الإسلامية، لكنها قوبلت برفض من مؤسسات دينية إسلامية واسعة.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هو منظمة تأسست عام 2004 في دبلن بإيرلندا برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي حتى وفاته في 2022، يهدف إلى توحيد كلمة العلماء المسلمين حول القضايا الكبرى، وفي أعقاب تصاعد الحرب على غزة منذ أكتوبر 2023، أصدر المجلس بيانات متكررة تدعو إلى "الجهاد" ضد الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا أن مقاومة الاحتلال فرض عين على كل مسلم قادر.
وفي بيان أخير دعا المجلس الدول الإسلامية إلى التدخل العسكري المباشر وفرض حصار اقتصادي وعسكري على إسرائيل، رداً على استمرار العدوان على غزة وتهجير الفلسطينيين.
ويأتي بيان دار الإفتاء المصرية في سياق توتر إقليمي متصاعد، حيث تسعى المؤسسات الدينية الرسمية لضبط الخطاب الديني ومنع انزلاقه نحو الفوضى، ومع استمرار الحرب على غزة، يبقى الجدل حول "الجهاد" ودور الأمة الإسلامية محط نقاش حاد بين التيارات المختلفة.
