شهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، وشكل التعاون الاقتصادي وحجم التبادل التجاري بين البلدين نموذجاً يحتذى للعلاقات بين الدول. وتتميز الإمارات والكويت بعلاقات اقتصادية قوية ومتطورة، ترتكز على أسس ورؤى مشتركة تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
فقد بلغ حجم التجارة البينية غير النفطية بين الإمارات والكويت 50 مليار درهم في عام 2024 بنمو سنوي 9 %، مقارنة مع 2023، بينما اقتربت الاستثمارات المتبادلة بين البلدين من 20 مليار درهم بنهاية 2022.
وبدأت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت تتطور بشكل كبير منذ إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون في عام 2006، حيث عقدت أولى دورتها في أبوظبي عام 2008. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات قفزة حقيقية بفضل الزيارات المتبادلة بين القادة والمسؤولين، بالإضافة إلى توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات.
وبحسب البيانات الرسمية، بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 19.4 مليار درهم في 2011، وفي 2012 بلغت 20 ملياراً، وفي 2013 بلغت 23.3 ملياراً، وفي 2014 بلغت 25.7 ملياراً، و2015 بلغت 26 ملياراً، وفي 2016 بلغت 25.8 ملياراً، وفي 2017 بلغت 25.4 ملياراً، وفي 2018 بلغت 39.3 ملياراً، وفي 2019 بلغت 38.9 ملياراً، وفي 2020 بلغت 30 ملياراً، وفي 2021 بلغت 38.5 ملياراً، وفي 2022 بلغت 44.1 ملياراً، وفي 2023 بلغت 44.8 ملياراً، أما العام الماضي فقد سجلت 50 مليار درهم. كما جاءت الكويت المرتبة التاسعة عالمياً في استقبال الصادرات الإماراتية غير النفطية والرابعة في إعادة التصدير.
أهم الشركاء
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية، حلت الكويت في المرتبة الثانية عشرة بين أهم الشركاء التجاريين حول العالم، كما تعتبر الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للكويت حول العالم بعد الصين، كما أنها الأولى عربياً وخليجياً، كما تحل الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً كأكبر مستقبل لصادرات الكويت غير النفطية، مستحوذة وحدها على 22 % من الصادرات الكويتية إلى العالم، وفي الوقت نفسه تأتي الإمارات بالمركز الثالث لأهم أسواق الواردات الكويتية بعد الصين والولايات المتحدة. وتستحوذ الإمارات وحدها على أكثر من 55 % من إجمالي تجارة الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي حسب بيانات 2023، كما تزيد حصة الإمارات على 46 % من تجارة الكويت مع الدول العربية مجتمعة.
وجهة مهمة
وتعتبر الإمارات وجهة مهمة لدى السائح من دولة الكويت الشقيقة كما توفر الجامعات الإماراتية خدمات تعليمية متميزة في مختلف التخصصات ويوفر القطاع الصحي في دولة الإمارات خدمات علاجية عالمية. وارتفع عدد السياح الكويتيين الذين أقاموا في فنادق الدولة عام 2023 ليصل إلى 400000 سائح مقارنة بـ250000 سائح في عام 2022.
وتجلت العلاقات المتميزة بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة ومذكرات التفاهم في المجال المالي من أهمها توقيع «معهد حوكمة» التابع لسلطة مركز دبي المالي العالمي، وهيئة أسواق المال بدولة الكويت مذكرة تعاون وتهدف المذكرة إلى تعزيز ممارسات الحوكمة بشكل فعلي للشركات المدرجة في دولة الكويت ورفع درجة الوعي بأهميتها بين هذه الشركات بشكل خاص وسائر المؤسسات.
كما تهدف المذكرة إلى التعاون بين الجانبين بغية توعية أعضاء مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية وأمناء السر المختصين بالحوكمة والتدقيق والمخاطر في الشركات المدرجة بالبورصة والشركات الأخرى المساهمة المرخصة من قبل هيئة أسواق المال بأحدث مستجدات الحوكمة وأفضل الممارسات العالمية. وتتضمن المذكرة تمكين «معهد حوكمة» من تقديم النصائح والتوجيهات العملية لهذه الشركات بشأن تحسين ممارسات الحوكمة بما يعزز من قدرتها في الحصول على التمويل الخارجي ورفع قدرتها وكفاءتها التشغيلية، إضافة إلى التشاور بين المعهد والهيئة حول قواعد الحوكمة بدولة الكويت ومناقشة ما يلزم لتحسينها وتقريبها إلى أفضل الممارسات العالمية بما يتوافق مع القوانين المعمول بها في الإمارات.
وبموجب مذكرة التعاون، اتفق الطرفان على نشر التوعية حول حوكمة الشركات من خلال المؤتمرات والاجتماعات والندوات، إضافة إلى إعداد كتيبات وأدلة متخصصة وتطوير الأطر التشريعية لحوكمة الشركات في دولة الكويت.
اتفاقيات اقتصادية
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية، وقع البلدان على عدد من الاتفاقيات تكريساً لمتانة العلاقات والرغبة في الانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق من أهمها مذكرات التفاهم في المجال المالي، مثل مذكرة التعاون بين هيئة الأوراق المالية والسلع في البلدين، وأيضاً توقيع اتفاقية تعاون ثلاثية في مجال الأوراق المالية بين سوق أبوظبي للأوراق المالية والبورصة الكويتية والشركة الكويتية للمقاصة في فبراير 2022.
كما تم التوقيع على اتفاقية الازدواج الضريبي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل ورأس المال لمنع التهرب والتجنب الضريبي بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وتسهيل حركة تدفق رؤوس الأموال بين البلدين.
كذلك تم توقيع عقد مع شركة «سفين فيدرز» وشركة «الراشد للملاحة» في مجال خدمات النقل البحري في فبراير 2024. وتم تدشين خط نقل الشاحنات والبضائع المتدحرجة والسيارات بين مينائي خليفة والشويخ مما يساعد في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين في سبتمبر 2023. كما وقعت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي متمثلة بقطاع التسجيل والترخيص التجاري ومجلس الأعمال الكويتي بدبي والمناطق الشمالية مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية وخلق فرص خاصة بتطوير المشاريع الكويتية التي تدار عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتم إطلاق خدمات النقل البحري من شركة «سفين فيدرز» لنقل الحاويات بين ميناء خليفة وميناء الشويخ وميناء الشعيبة.
كذلك أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي عن توقيع مذكرة تفاهم مع الإدارة العامة للجمارك في الكويت بهدف إنشاء ممر تجاري افتراضي بين الطرفين بهدف تسهيل وتبسيط التخليص الجمركي للتجارة عبر الحدود.
ابتكار
ووقع مكتب أبوظبي للاستثمار اتفاقية مع تطبيق «كوفي» للاستفادة من برنامج الابتكار التابع لمكتب أبوظبي للاستثمار وتأسيس مقر لتطبيق «كوفي» في مدينة أبوظبي. وتم توقيع مذكرة تفاهم لتنظيم التعاون بين دائرة التنمية الاقتصادية (مكتب أبوظبي للاستثمار) وهيئة تشجيع الاستثمار في الكويت بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين وتحفيز الاستثمار، بالإضافة إلى التوقيع على عقد بين شركة إنشاءات الخصوصية للتجارة العامة الكويتية وهي شركة توفر خدمات ملاحية وإرشاد للسفن في الموانئ الكويتية مع شركة «الأسبق» الهندسية البحرية الإماراتية ومقرها مدينة دبي الملاحية.
كما وقعت الإمارات ممثلة بالهيئة العامة للطيران المدني، مذكرة تفاهم مع الكويت ممثلة بالإدارة العامة للطيران المدني الكويتي بهدف تعزيز سلامة الطيران وتطوير التعاون المشترك بين البلدين وتم التوقيع على الاتفاقية خلال القمة العالمية للاستثمار في قطاع الطيران بدبي.
استثمار
ونجحت العديد من الشركات الإماراتية في الاستثمار بدولة الكويت في العديد من القطاعات، وتعتبر صناعات الكابلات، والأدوية، مستحضرات التجميل، والأسمنت، وتجارة الجملة والتجزئة، والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، والأنشطة العقارية، والقطاع المالي والمصرفي، والعلاقات العامة والتسويق والدعاية والإعلان، السياحة والسفر، والبناء والتشييد، والفندقة.
كما نجحت العديد من الشركات الكويتية في الاستثمار بدولة الإمارات في قطاعات الأنشطة المالية، أنشطة التأمين، والصناعة التحويلية، والأنشطة العقارية، والمعلومات والاتصالات تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية، والتعدين واستغلال المحاجر، والتشييد والبناء، وأنشطة خدمات الإقامة والطعام، والنقل والتخزين، الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية، أنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدعم.
وتعد الاستثمارات المتبادلة بين الإمارات والكويت أحد أبرز مظاهر التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتمتلك الكويت استثمارات كبيرة في الإمارات، خاصة في قطاعات العقارات والخدمات المالية. على سبيل المثال، تمتلك شركة «الاستثمارات الكويتية» حصصاً في عدة مشاريع عقارية في دبي.
من جهة أخرى، تستثمر الشركات الإماراتية في الكويت في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية. على سبيل المثال، شركة «مبادلة للاستثمار» لديها استثمارات في قطاع الطاقة الكويتي، بما في ذلك مشاريع مشتركة في مجال النفط والغاز.
طاقة
ويعتبر قطاع الطاقة أحد أهم مجالات التعاون بين الإمارات والكويت، حيث يعد البلدان من أكبر منتجي النفط في العالم. ويعمل البلدان معاً على تنسيق السياسات النفطية من خلال منظمة «أوبك»، مما يسهم في استقرار أسواق النفط العالمية.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الإمارات والكويت على تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال، تعاونت شركة «مصدر» مع الجهات الكويتية في تطوير مشاريع للطاقة الشمسية، بما في ذلك محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الكويت.
تعاون مالي
ويشهد القطاع المالي تعاوناً كبيراً بين الإمارات والكويت، حيث تعد إمارة دبي مركزاً مالياً رئيسياً في المنطقة. وتعمل البنوك الكويتية الكبرى، مثل بنك الكويت الوطني وبنك الخليج، على توسيع نشاطها في الإمارات، بينما تستثمر البنوك الإماراتية في الكويت. ووفقاً لتقارير عام 2023، بلغت قيمة الاستثمارات المالية المتبادلة بين البلدين حوالي 3 مليارات دولار.
سياحة وابتكار
وتعد السياحة أحد المجالات الواعدة للتعاون بين الإمارات والكويت. ووفقاً لإحصائيات عام 2023، يزور أكثر من 500 ألف سائح كويتي الإمارات سنوياً. من جهة أخرى، تشهد الكويت تدفقاً متزايداً للسياح الإماراتيين.
وتعمل الإمارات والكويت على تعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار، حيث تعد الإمارات مركزاً إقليمياً للابتكار التكنولوجي. وفي عام 2022، وقع البلدان اتفاقية لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، مما يفتح آفاقاً جديدة للشركات الناشئة في كلا البلدين.
وتتمتع العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت بمستقبل واعد، خاصة في ظل الجهود المستمرة لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي. من المتوقع أن يشهد التعاون بين البلدين نمواً أكبر في السنوات المقبلة، خاصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والابتكار.
وتعد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت نموذجاً ناجحاً للتعاون بين دول الخليج العربي. وبفضل الجهود المشتركة والرؤية الاستراتيجية للقيادات في كلا البلدين، يشهد التعاون الاقتصادي بين الدولتين تطوراً مستمراً، مما يعزز من مكانة البلدين على الساحة الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
