بدأت الجالية العربية في بريطانيا تحركات واسعة مؤخراً من أجل الضغط على رئيس الوزراء كير ستارمر بسبب موقفه من الحرب الاسرائيلية المستمرة على غزة ولبنان، مطالبينه بالتحرك من أجل إيصال المساعدات الانسانية الى المدنيين في غزة والعمل من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء المأساة الانسانية.
ونظمت الجالية الفلسطينية في بريطانيا جلسة استماع في البرلمان الأسبوع الماضي، حضرتها "العربية نت"، وشارك فيها ثلاثة من أعضاء مجلس العموم البريطاني الذين استمعوا الى شرح موسع قدمه مواطنون بريطانيون من أصول فلسطينية عما يجري في غزة، ولاحقاً لتلك الجلسة بعث هؤلاء البرلمانيون رسالة الى رئيس الوزراء كير ستارمر طالبوه فيها بالعدول عن موقفه الداعم لاسرائيل.
وخلال جلسة الاستماع التي انعقدت داخل إحدى قاعات البرلمان في وسط لندن تحدث رئيس الجالية الفلسطينية الدكتور نهاد خنفر مخاطباً أعضاء مجلس العموم عن المأساة التي تحدث في غزة، والحرب الاسرائيلية التي تسببت بكارثة انسانية هناك، مطالباً باتخاذ الاجراءات اللازمة من أجل ردع اسرائيل عن الاستمرار فيما تقوم به هناك.
وتحدثت خلال جلسة الاستماع البرلمانية سيدة بريطانية تعود أصولها الى شمال قطاع غزة، حيث قالت إنها فقدت 42 شخصاً من عائلتها قتلوا في قصف اسرائيلي، كما عرضت لوحة كبيرة تضم صور أفراد عائلتها الذين قتلوا في القصف الاسرائيلي وأغلبهم من النساء والأطفال.
ولاحقاً لاجتماع الجالية الفلسطينية مع عدد من أعضاء مجلس العموم البريطاني، أرسل "مؤتمر الجالية العربية" الذي يُمثل البريطانيين من أصول عربية، رسالة الى رئيس الوزراء كير ستارمر طالبه فيها باعتبار ما يجري في غزة "إبادة جماعية" والعمل على وقفها بشكل فوري، إضافة الى تمكين المساعدات الانسانية من الوصول لانقاذ آلاف المحاصرين داخل القطاع.
وطالب "مؤتمر الجالية العربية" الحكومة البريطانية بالعمل على "استعادة الوصول الإنساني الكامل وضمان استئناف عمليات الأونروا" بشكل فوري، والضغط على اسرائيل من أجل وقف إطلاق النار في غزة.
وتأتي الرسالة الجديدة التي وجهها المؤتمر الى ستارمر في أعقاب رسالتين سابقتين موجهتين إلى رئيس الحكومة البريطانية السابق، ريشي سوناك، بتاريخ 5 نوفمبر 2023 و21 ديسمبر 2023، وقد رد سوناك على الرسالتين في حينها لكن سياسات الحكومة البريطانية لم تتغير بشكل ملموس وملحوظ تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطيني.
وقالت الجالية العربية في رسالتها التي حصلت "العربية نت" على نسخة منها: "نجد أنفسنا الآن مضطرين للتوجه إليكم، حيث تصاعد الوضع في غزة إلى كارثة إنسانية لا يمكن إنكارها، وتجاوز عدد القتلى 43 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، كما أن المعاناة في جباليا تمثل صورة مؤلمة لهذه الأزمة، حيث يُحتجز أكثر من 100 ألف شخص بدون طعام أو ماء أو كهرباء، في ظروف لا يمكن تصورها بينما يقف العالم صامتاً".
وأضافت الجالية العربية: "إن تعليق عمليات الأونروا بسبب الإجراءات الإسرائيلية زاد من تفاقم هذا الوضع المأساوي، مما ترك الأكثر احتياجاً دون مساعدات إنسانية ضرورية. إن هذه الأفعال ليست فقط غير إنسانية، بل تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي".
وخاطبت الرسالة رئيس الوزراء بالقول إن "تصريحكم الأخير في البرلمان الذي رفض فكرة أن أعمال إسرائيل تشكل إبادة جماعية قد أثار خيبة أمل عميقة لدى العديد في مجتمعنا. ولكن الأدلة تقول غير ذلك: الاستهداف المتعمد للمدنيين، والحرمان من الاحتياجات الأساسية، والتدمير الممنهج للبنية التحتية الحيوية هي سمات واضحة للأعمال الإبادة الجماعية كما يعرفها القانون الدولي".
وتابعت الرسالة: "إن المجتمعات العربية والإسلامية في بريطانيا، إلى جانب عدد لا يحصى من الناس حول العالم، يشعرون بقلق عميق إزاء عدم اتخاذ المملكة المتحدة موقفاً حاسماً. إن غياب التدخل الفعّال يعرض بريطانيا لخطر التواطؤ في هذه الفظائع المستمرة".
وانتهت الرسالة الى مطالبة ستارمر بإدانة الأعمال العدوانية التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي، والاعتراف بحجم الأزمة واعتبارها "إبادة جماعية"، كما دعت الجالية العربية ستامر الى "المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار عن غزة، والمطالبة باستعادة الوصول الإنساني الكامل وضمان استئناف عمليات الأونروا، وكذلك استخدام نفوذ بريطانيا على الساحة الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات".
يشار الى أن "مؤتمر الجالية العربية" تأسس في لندن في يونيو 2023 بمبادرة من منصة "عرب لندن" و"منتدى التفكير العربي"، واستطاع أن يحشد عدداً كبيراً من المثقفين والصحافيين والكتاب وأساتذة الجامعات من مختلف أبناء الجالية العربية في بريطانيا ليكون مظلة جامعة لهم، كما أن المؤتمر يضم في عضويته ممثلين عن أغلب الجاليات العربية بمن فيهم رئيس الجالية الفلسطينية نهاد خنفر، ورئيس الجالية الأردنية حلمي الحراحشة، وعدد آخر من ممثلي الجاليات العربية.