فيما حمل البيان الختامي لأعمال القمة الخليجية – الأوروبية الأولى نقاطا ومضامين لافتة تؤكد ضرورة مواصلة الحوار الإقليمي بين الجانبين، وذلك من أجل تعزيز الأمن والاستقرار، وبناء شراكة القرن الـ 21 الاستراتيجية، أكد باحثون سياسيون خليجيون لـ"العربية.نت" أن نقاط البيان للقمة التي عُقدت في بروكسل تعد إطاراً عملياً يعكس التزام الجانبين بالتعاون لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية؛ في ظل التغيرات العالمية، وتعتبر نقطة تحول في مسار العلاقات بين التكتلين، كما تضمن استتباب أمن واستقرار المنطقة، وتعزيز الحوار والدبلوماسية من أجل إيجاد حلول للأزمات القائمة.
وتستعد العاصمة السعودية الرياض في العام 2026 استضافة النسخة الثانية من القمة التي حظيت بأهمية لافتة باعتبارها أول قمة تعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات منذ تدشين مسار العلاقات الرسمية بين الجانبين منذ عام 1989، وبمشاركة 33 رئيس دولة ورئيس وزراء، فضلاً عن كونها تأتي في إطار رغبة دول مجلس التعاون على رأسها السعودية في تعزيز مستوى العلاقات الاستراتيجية مع الدول والتكتلات العالمية، فضلاً عن رفع مستوى التنسيق الدولي حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
من جهته، يقول منيف عماش الحربي، الباحث السياسي السعودي، إن القمة الخليجية الأوروبية الأولى تعد بداية مرحلة جديدة نحو الشراكة الاستراتيجية؛ إذ إن الاتحاد الأوروبي بدوله الـ 27 تشكل أهمية بأبعاد متعددة، سياسياً تبرز فرنسا بصفتها عضوة دائمة في مجلس الأمن الدولي، وتحضر معها ألمانيا وإيطاليا بصفتهم أعضاء في مجموعة السبع، وأيضاً تحضر إسبانيا، والاتحاد الأوروبي كأعضاء في مجموعة العشرين، ما يؤكد توافر حضور أوروبي فاعل سواءً في المشهد الشرق الأوسط، أو المشهد الدولي، مع التذكير بأهمية الحضور الإيجابي لمعظم دول الاتحاد في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتبني حل الدولتين.
ويعتقد الحربي أن نتائج القمة تساهم في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين التكتلين وخلق توافق بشأن العديد من الملفات السياسية المهمة للجانبين التي يعزز إيجاد حلول لها من مسألة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
الوصول لـ"التجارة الحرة"
اقتصادياً، يرى الباحث السياسي السعودي منيف عماش الحربي أن تنفيذ الأبعاد الاقتصادية لمخرجات القمة التي جاءت في خضم ظروف استثنائية من شأنه تحقيق الوصول لاتفاقية التجارة الحرة التي تعزز نمو وتيرة التبادل التجاري.
تنويع المصادر
وفي إطار العلاقات بين دول التكتلين، يقول الباحث منيف عماش الحربي: "دول الخليج لديها الرغبة الدائمة في تنويع مصادر السلاح، ومن دون شك سوف تسهم هذه القمة بتسريع التنسيق والعمل المشترك بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي بشكل ممنهج ودائم في ظل الرغبة الخليجية بالتنويع في مصادر السلاح، وتعزيز الاهتمام في مسائل الأمن والتكنولوجيا".
ويتفق الصحافي الإماراتي، محمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية، مع النقاط التي ذهب إليها زميله الحربي، إذ شدد على أهمية مخرجات القمة مشيراً إلى أهمية دور التكتلين الفاعلين في التأثير على الملفات السياسية والأمنية، والجوانب الاقتصادية.
وجهات النظر الخليجية
يؤكد محمد الحمادي ضرورة استماع الأوروبيين لـ وجهات النظر الخليجية خاصة في خضم الظروف الراهنة، فضلاً عن صوغ رؤى مستقبلية للمنطقة تفضي بإيجاد نتائج وحلول تفضي بتأثيراتها على القضية الفلسطينية، بجانب القضاء على ملف الإرهاب.
أوروبا بحاجة لـ"الخليج"
ويرى الصحافي الإماراتي بأن دول الاتحاد الأوروبي تنظر إلى دول مجلس التعاون الخليجي بصفته شريك يمكن التعاون معه في تحريك عجلة الاقتصاد أوروبياً وعالمياً، فضلاً عن مكافحة التغير المناخي بصفته أولوية للتكتلين، فضلاً عن تعزيز أطر التعاون المشترك.
توافق لافت
في هذه الأثناء، بينما أكدت نتائج أعمال القمة على أهمية إطلاق حوار إقليمي بين الجانبين لتعزيز الأمن والاستقرار، يعتقد الدكتور عايد المناع، الأكاديمي، والباحث السياسي، أن القمة الخليجية – الأوروبية تدلل على الثقل الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي، قائلاً: هناك حالة توافق في الكثير من المشتركات التي تجمع الطرفين تجاه قضايا إقليمية -وعالمية.
واقعية أكبر
وأكد أن نتائج الأعمال من شأنها إيجاد حلول لقضايا المنطقة الملتهبة، كما سمّاها الدكتور عايد المناع، الباحث السياسي، لافتاً إلى أن الأوروبيين يبذلون جهود كبيرة من أجل تجنب اندلاع فيما يبذل الخليجيون جهوداً مضاعفة تصب في إطار عدم انزلاق المنطقة نحو الهاوية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن دول الخليج – وأوروبا يتمتعون بواقعية أكبر في التعامل السياسي، وتفضيل لغة المصالح.