قالت مصادر إن قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني طلب من قادة سياسيين عراقيين الأسبوع الماضي تخفيف حدة الانتقادات لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يواجه مكتبه اتهامات بالتجسس، وذلك في مسعى لتعزيز الاستقرار في العراق مع احتدام الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت سبعة مصادر عراقية، منهم أعضاء في أحزاب سياسية التقى قادتها مع قاآني، إن قائد فيلق القدس طلب من القادة السياسيين ذلك خلال زيارة إلى بغداد. وأكد دبلوماسي في المنطقة هذه الرواية.
وتعكس هذه الخطوة، التي تهدف إلى عدم إضعاف السوداني، مخاوف إيران إزاء عدم الاستقرار في العراق، حيث تمارس طهران منذ فترة طويلة نفوذا عبر مجموعة من الفصائل المسلحة.
وتحرص طهران على تجنب تعريض حليفتها في المنطقة لمزيد من الضغوط بعد حرب غزة المستمرة منذ قرابة عام وفي ظل تصاعد الصراع في لبنان الذي وضع ضغوطا هائلة على جماعة حزب الله اللبنانية، حليفة طهران الرئيسية.
وفيلق القدس هو الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
وطلب قاآني من القادة السياسيين في الإطار التنسيقي، وهو تجمع لأحزاب شيعية اختار السوداني لتولي هذا المنصب، ألا يقوضوا منصب رئيس الوزراء وسط اتهامات بتجسس مكتبه على مسؤولين وسياسيين عراقيين كبار.
وقال قاآني إن الاستقرار في العراق أمر حيوي وسط حالة العنف التي تشهدها المنطقة.
وكشف مشرعون ومؤسسات إعلامية كبرى النقاب عن اتهامات التجسس هذه الشهر الماضي وهو ما أثار ضجة في العراق.
ونفى مستشارون للسوداني صحة هذه الاتهامات التي لم يتم تقديم أي دليل علني عليها.
الانتخابات البرلمانية 2025
يقول موالون ومراقبون مستقلون إن المعارضين السياسيين لرئيس الوزراء السوداني أثاروا هذه الاتهامات في محاولة لإضعاف شعبيته قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل. وتقول الأحزاب التي تعارضه إن الاتهامات خطيرة.
وفتحت السلطة القضائية في العراق تحقيقا في هذا الأمر تحت إشراف فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى فيما قال بعض المسؤولين العراقيين إن نتائج التحقيق قد توثر بشكل كبير على مستقبل رئيس الوزراء.
ويواجه السوداني تحديات كبيرة في فترة حساسة تسبق الانتخابات إذ يسعى إلى إعادة بناء الاقتصاد المتضرر من الصراعات التي شهدها العراق على مدى عقود.
وفي الوقت ذاته، عليه أن يوازن بين تأثير الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران والتفاوض على خروج القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق، ومن بينها وحدة عسكرية أميركية متمركزة هناك منذ سنوات.
وقال رناد منصور من مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن إن إيران ترغب في تهدئة التوتر في العراق قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2025، وذلك لأن الخلافات الداخلية تتحول في كثير من الأحيان إلى أعمال عنف.
وأضاف "إيران تمر بوقت حرج لأنه بينما تحاول الرد على العدوان الإسرائيلي، تتقاتل الفصائل في العراق بطريقة تسبب زعزعة للاستقرار. وآخر ما تريده إيران في الوقت الراهن هو فوضى سياسية في العراق".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها قاآني في العراق في وقت الأزمات.
وفي فبراير شباط، طلب قاآني من الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في العراق وقف الهجمات على القوات الأميركية بعد أن أدت ضربة شنها فصيل على قاعدة أميركية في الأردن على الحدود الغربية للعراق إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين، حسبما ذكرت رويترز آنذاك.
ولم تقع أي هجمات لعدة أشهر بعد ذلك.