لا يزال القصف الحوثي على سفن الشحن مستمر منذ أشهر طويلة. فيما شهد الأسبوعان الماضيان أحداثاً مثيرة للملاحظة، أهمها قيام الحوثيين خلال أيام بقصف متعدد الأسلحة، استعملوا خلاله المسيرات والصواريخ والصواريخ البالستية البحرية، في حين عمد الأميركيون والبريطانيون إلى توجيه ضربات واسعة للقدرات الحوثية مثل مراكز القيادة والسيطرة، ودمّروا محطات رادار.
كما أسقطوا مسيرات وصواريخ وفي أحد الأيام ضربوا منصات إطلاق صواريخ.
الأعباء ضخمة
للتعليق على تلك التطورات، تحدثت العربية.نت/الحدث.نت إلى أكثر من مصدر في الإدارة الأميركية، وذكر أحد المتحدثين أن التقييم الحالي للإدارة الأميركية يقوم على أن لدى الولايات المتحدة قدرات ضخمة في المنطقة، وتملك إمكانيات تفوق إمكانيات الحوثيين بكثير، لكنها تجري عملية تقييم للعملية العسكرية، بالمقارنة مع ما أنجزته حتى الآن، وما يمكن أن تنجزه في المستقبل".
وتشير هذه التصريحات الأميركية إلى أمرين مهمين، الأول هو أن تلك المراجعة دورية، فالمؤسسات العسكرية الأميركية تجري هذه المراجعات من حين إلى آخر، وعليها أن تعرض على الرئيس الأميركي ما أنجزته وما يمكن أن تنجزه في المستقبل.
أما الأمر الثاني واللافت في هذه التصريحات الأميركية، فإنها تدلّ على اتجاه لدى الأميركيين، أقلّه على مستوى التخطيط للبحث عن خطة جديدة لمواجهة الحوثيين، من دون رصد هذه الأعداد الهائلة من الجنود والعتاد في هذه المنطقة.
المشاركة مطلوبة
فالخيار الأول والمفضّل لدى الأميركيين يقوم على إبقاء مستويات المجموع العام من القوات العسكرية عند النسبة المرتفعة الحالية، لكن الأميركيين يشترطون لتبقى المهمة عند هذه المستويات أن تكون هناك مشاركة فعلية وواسعة من قبل دول أخرى، خصوصاً الدول الإقليمية، وبالتالي يتمّ سحب بعض القوات الأميركية والبريطانية من المنطقة، وتبديلها مع قوات حليفة.
وسيعطي هذا الخيار الأميركيين فرصة لخفض التكاليف المالية والبشرية. فالحكومة الأميركية تتكلّف يومياً ملايين الدولارات على هذه العمليات، كما أن الجنود والبحارة والطيارين العاملين من ضمن هذه القوات يصرفون أوقاتاً طويلة في مهماته الميدانية، ومنذ أشهر لم يتمكن الآلاف منهم من الاستراحة والمجيء للقاء أهله وأفراد عائلته.
التصعيد ليس خياراً
إلى ذلك، سيفضي استبدال القوات الأميركية لو حصل، إلى خفض المخاطر التي يتعرض لها الجنود خلال هجمات الحوثيين. فالأميركيون يشعرون بقلق عميق من أن يتعرض الجنود للأذى خلال هذه العمليات، ويعبّرون عن هذا القلق بالقول إن خسارة جندي أميركي ستؤدّي إلى ارتفاع المخاطر وردّات فعل عسكرية أميركية فائقة.
فيما قال أحد المسؤولين الأميركيين لـ العربية/الحدث " باستطاعة الولايات المتحدة أن تدمّر الحوثيين، فنحن لدينا القوة العسكرية الفائقة" لكنه استطرد موضحاً أن "هذا لا يعني أن الأمور تنتهي عند هذا الحدّ، فهناك الكثير من المضاعفات التي يجب أن نأخذها بالحسبان."
وقد وصل الآن الأميركيون، أقلّه على مستوى المناقشات إالى بعض النتائج التي سيكون لها مضاعفات ملموسة.
تغيير المهمة
النتيجة الأولى هي أن المهمة الحالية للقوات الأميركية مزدوجة، تقوم على صدّ هجمات الحوثيين وضرب قدراتهم، وهناك قناعة لدى المخططين أن لدى الحوثيين قدرات واسعة للاستمرار في هذه العملية لفترة طويلة، وهناك ضرورة لمتابعة العملية الأميركية في حماية الملاحة الدولية ولفترة طويلة، وستكون نصيحتهم للإدارة الأميركية أن تتابع القوات الأميركية عمليات الصدّ فقط.
ويرى المخططون الأميركيون أن ضرب قدرات الحوثيين، والتي قاموا بها مع البريطانيين منذ عدة أشهر، لم تكن فعّالة بالقدر المطلوب، وربما لن تكون فعالة لو تابع الأميركيون العملية بالنمط الحالي. وستكون نصيحة المخططين الأميركيين التخلّي عن هذا الجزء من العملية.
خيبة أميركية
وفيما لا يريد الأميركيون أن يكونوا في هذا الوضع، لكن عمليات المراجعة للعمليات ضد الحوثيين تشير إلى خيبة كبيرة من فقدان التعاون الإقليمي والدولي في العمليات ضد الحوثيين، ويقولون إن الأطراف الأخرى لا تملك القدرات، ولا الإرادة للقيام بالمهمة كما رسمها الأميركيون.
كما أن وجود خطط بديلة سيسهّل على الأميركيين متابعة صدّ الهجمات وحماية الملاحة الدولية من دون الخوض في ضرب قدرات الحوثيين.
كل هذه الخيارات ستكون على طاولة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال وقت قصير، وسيكون عليه أن يأخذ قراراً للقيام بها، فرأي المخططين ليس كافياً، وهناك اعتبارات سياسية وأمنية كثيرة يجب أن يأخذها بايدن ومجلس الأمن القومي الأميركي بعين الاعتبار بما في ذلك مواقف الدول في منطقة الشرق الأوسط.