شغلت كارثة الغواصة تيتان العالم في صيف 2023 عقب الانفجار الذي أودى بحياة خمسة أشخاص في قلب المحيط الأطلسي، وفيما لا يزال الغموض يكتنف هذه الحادثة تكشفت معلومات جديدة تؤكد أن هيكل الغواصة المصنوع من ألياف الكربون وراء انفجارها.
فقد قال خبير متخصص بالهندسة المدنية إن الانفجار الداخلي الذي تعرضت له الغواصة الشهيرة في يونيو العام الماضي وأدى إلى مصرع طاقمها، ربما يُعزى إلى حدوث "انبعاجات مجهرية" في هيكلها المصنوع من ألياف الكربون، وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك بوست".
ويرى باحثون من جامعة هيوستن وجامعة مينيسوتا أن "الانبعاج الدقيق" في هيكل تيتان ربما كان المحفز الكارثي الذي تسبب في انهيارها تحت الضغط.
من جانبه قال قائد البحث وأستاذ الهندسة المدنية والبيئيةروبرتو بالاريني: "ربما تكون سلامة تيتان قد تعرضت للخطر بسبب الأضرار التي لحقت بالمواد المستخدمة في هيكلها والتي تراكمت خلال الرحلات العديدة التي قامت بها قبل الانهيار".
كما أوضح "كانت المادة المستخدمة في بناء هيكل "تيتان" عبارة عن مركب من ألياف الكربون. ومن المعروف أنه تحت الضغط الناجم عن الغوص في الأعماق، تكون الألياف في مثل هذه المواد المركبة عرضة لانبعاجات متناهية الصغر".
وتابع: "إذا تعرض هيكل تيتان لمثل هذا الضرر تحت الضغط الشديد أثناء الغوص، فإن صلابته وقوته ستنخفض بشكل كبير، جنبا إلى جنب مع العيوب الهندسية الحتمية التي ظهرت أثناء تصنيعه، والتي ربما ساهمت في انهياره الداخلي الناجم عن الانبعاج".
هيكل أسطواني هش
واستعانت الدراسة، التي نُشرت الشهر الماضي في المجلة الأكاديمية Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS)، بشكل من المحاكاة الحاسوبية الافتراضية بغية إنشاء نموذج رياضي قادر على وضع توقعات عدة تكشف كيف ومتى تؤدي هذه العيوب الصغيرة إلى دمار كارثي.
وخلافاً لمعظم الغواصات التي تشق أعماق البحار، والتي تكون مصنوعة من معدن قوي مثل التيتانيوم، يتألف جسم الغواصة "تيتان" من هيكل أسطواني الشكل هش مصنوع من ألياف الكربون ومغطى في كل طرف بقبتين من التيتانيوم.
وكان راش ستوكتن، مؤسس "أوشن غيت" الأميركية المالكة لغواصة "تيتان" المنكوبة، أقر بأنه قد "خرق بعض القواعد" باستخدام تلك المواد، ولكنه شدد على أن الواقع سيثبت صوابية خياره، بحجة أن التكلفة المتدنية نسبياً لألياف الكربون وقدرتها المتأصلة على الطفو من شأنهما أن يجعلا استكشاف أعماق البحار قابلاً أكثر للتطبيق والاستمرارية من الناحية التجارية.
دمار مفاجئ للغواصة
إلا أن المدير السابق للعمليات البحرية في "أوشن غيت" أبدى خشيته من أن تمتد تلك العيوب الصغيرة التي تشوب الهيكل وتتحول إلى "تشققات كبيرة" بسبب التغيرات المتكررة في ضغط المياه، ما يتسبب في دمار مفاجئ للغواصة.
يذكر أنه في 18 يونيو الفائت، اختفى طاقم الغواصة السياحية "تيتان" أثناء نزولها إلى حطام السفينة "تيتانيك"، وكانت تحمل على متنها كلا من الملياردير البريطاني هيميش هاردينغ (58 عاما)، ورجل الأعمال البريطاني من أصل باكستاني شاه زاده داود (48 عاما) وابنه سليمان، بالإضافة إلى المستكشف الفرنسي بول هنري نارجوليه (77 عاما) والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أوشن جيت إكسبيديشنز" المنظمة للرحلة راش ستوكتن، في رحلة كلفت كل واحد منهما 250 ألف دولار، والأهم حياته.
ولاحقاً تم الإعلان عن انفجارها في أعماق المحيط الأطلسي ومقتل جميع ركابها، فيما تم انتشال حطامها وفتح تحقيق لمعرفة سبب الحادث الكارثي.