الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - ملابسات إطلاق النار على رأس بـ"عقل استثنائي"..

ملابسات إطلاق النار على رأس بـ"عقل استثنائي"..

الساعة 06:08 مساءً

 

قتل فادي البطش، العالم الفلسطيني من قطاع غزة في مجال الهندسة الكهربائية وهو في طريقه إلى صلاة الفجر بمسجد مجاور لمسكنه في العاصمة الماليزية كوالالمبور في 21 ابريل عام 2018.

تربص به رجلان ملتحيان ببشرة فاتحة على دراجة نارية لمدة 20 دقيقة. اعترضا طريقه وأطلقا على الخبير والأستاذ الجامعي في الهندسة الكهربائية، النار 14 مرة على الرأس وبقية الجسم ما أدى إلى وفاته قبل وصول سيارة الإسعاف.

بعد ساعات من عملية الاغتيال، لم يستبعد أحمد زاهد حميدي، نائب رئيس وزراء ماليزيا في ذلك الوقت وكان يشغل أيضا منصب وزير الداخلية، تورط عملاء لاستخبارات أجنبية في تصفية هذا العالم الفلسطيني البالغ من العمر 35 عاما، ملمحا في نفس الوقت إلى إسرائيل.

أما قائد شرطة كوالالمبور مازلان لازيم فقد أعلن في ذلك الوقت أن المغدور "مات على الفور"، مشيرا إلى أن ما جرى عملية اغتيال محترفة وأن البطش كان الهدف، لأن شخصين آخرين كانا يسيران حينها في المكان ولم يصابا بأذى.

فادي البطش، وهو من سكان في جباليا بغزة، وكان عمل في هيئة كهرباء القطاع قبل أن يتوجه إلى ماليزيا للإقامة والعمل في عام 2012. سيرته الذاتية تشير إلى أنه حاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وأنه كان يعمل محاضرا في جامعة كوالالمبور، وكان حصل عل براءة اختراع في مجال زيادة كفاءة الطاقة الكهربائية، علاوة على اختراعه جهازا يحسن نقل الطاقة.

حركة حماس وأسرة القتيل اتهما الموساد بالوقوف وراء الجريمة، فيما نفى وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت أفيغدور ليبرمان ذلك، متهما في نفس الوقت البطش بأنه كان يعمل في تصميم أنظمة صواريخ حماس.

ليبرمان وصف العالم الفلسطيني في تصريح لراديو الجيش الإسرائيلي بأنه "لم يكن قديسا.. ولم يكن منخرطا في تحسين البنية التحتية في قطاع غزة، لكنه كان يعمل على تحسين دقة الصواريخ"، مضيفا في تلك المناسبة قوله: " حتى لو لم نكن نحن، فلا يوجد سبب لذرف الدموع".

في السياق ذاته، وصف موقع عبري القتيل بأنه "عالم محلي بارز"، مضيفا في نفس الوقت أنه "الدماغ" التكنولوجي لحماس، ومطور الصواريخ والطائرات المسيرة، مفيدا بأنه "قتل بعشر طلقات من مسافة قريبة".

أحد أصدقاء الضحية ويدعى قمر الزمان شهارول أنور، وهو رئيس قسم الرعاية الإنسانية في ماليزيا وصفه بأنه "رجل أسرة جيد ولديه ثلاثة أطفال. ورجل ذكي بشكل استثنائي عمل كإمام في مسجد الحي القريب على مدى السنوات الخمس الماضية"، معربا عن اعتقاده بأن "القتل حدث بسبب خبرته في الهندسة الكهربائية".

التطور اللافت حدث في 9 يناير عام 2022 بإعلان وزارة الداخلية في حكومة حماس بقطاع غزة اعتقال شخص لم تكشف هويته، وُصف بأنه متورط في اغتيال المهندس فادي البطش في ماليزيا عام 2018. كما أشير إلى أن الشخص الذي تم اعتقاله قد اعترف بالمشاركة في الاغتيال، الذي أمر به الموساد الإسرائيلي.

تعززت في مناسبتين لاحقتين الشكوك في تورط جهاز الموساد الإسرائيلي في تصفية العالم الفلسطيني في ماليزيا من خلال تسليطهما الضوء على نشاطات لهذا الجهاز في تعقب وملاحقة الفلسطينيين المقيمين في هذا البلد الذي لا يقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وهو معروف بمواقفه  المؤيدة للقضية الفلسطينية.

الحادثة الأولى كشفت عنها في 7 أكتوبر عام 2022  صحيفة "نيو ستريتس تايمز" الماليزية، بالإعلان عن تحرير الشرطة لفلسطيني من غزة متخصص في برمجة الكمبيوتر، كان اختطف في 28 سبتمبر  2022 من قبل عملاء للموساد في كوالالمبور، ونقل بسارة بواسطة عملاء محليين دربهم جهاز الموساد.

احتجز الرجل في منزل بأحد ضواحي كوالالمبور، وتم استجوابه عبر الفيديو بشأن نشاطات حماس وجناحها العسكري كتائب القسام من قبل رجلين يعتقد أنهما إسرائيليان، بادراه بحسب الصحيفة، بالقول: "أنت تعرف لماذا أنت هنا".

 الصحيفة الماليزية ذكرت أن الفلسطيني المختطف تم استجوابه على مدار 24 ساعة، وكان يتعرض للضرب من قبل العملاء الماليزيين حين لا تكون إجاباته مرضية للإسرائيليين.

الصحيفة نقلت عن مصدر مطلع أن "الإسرائيليين أرادوا معرفة مدى خبرته في تطوير تطبيقات الكمبيوتر، وقوة حماس في تطوير البرمجيات، وأعضاء كتائب القسام الذي يعرفهم، ونقاط قوتهم".

عملية الاختطاف تلك فشلت، لأن فلسطينيا آخر كان حاضرا وقت الاختطاف وتمكن من الهرب وقام بإبلاغ الشرطة التي تمكنت بشرعة من تحديد مكان الرهينة وتحريره. هذان الفلسطينيان قيل إنهما سارعا بعد ذلك إلى مغادرة ماليزيا، فيما احتفظت الشرطة الماليزية باثنين من المواطنين الماليزيين المتورطين في هذه العملية.

الحادثة الثانية، أعلن عنها في 30 مارس عام 2024، وتمثلت في اعتقال السلطات الماليزية لمشتبه به يبلغ من العمر 36 عاما، وبحوزته أسلحة وعدة جوازات سفر، بما في ذلك واحد فرنسي استخدمه أثناء دخوله البلاد في 12 مارس.

الشرطة الماليزية توصلت إلى معلومات مفادها أن "المشتبه تم تمويله بشكل جيد للغاية. دفع ما يقرب من 50000 دولار أمريكي، أي 230.000 رينغيت ماليزي،  لشراء ستة مسدسات و 200 رصاصة.

كما أعلن أن السلطات عثرت في حوزته على "ما لا يقل عن 10 بطاقات ائتمان لدفع نفقاته "، وأنه كان يعيش حياة مترفة، "ويقيم في فنادق خمس نجوم يرتاد مطاعم باهظة الثمن، علاوة على التسوق لشراء السلع الفاخرة".

النتائج الأولية التي خرج بها المحققون الماليزيون ترجح أن هذا الشخص الأجنبي مرتبط بالموساد، وانه دفع ثمن الأسلحة التي اشتراها بعملة مشفرة. علاوة على ذلك ادعى هذا الرجل أنه جاء إلى ماليزيا لمطاردة مواطن إسرائيلي آخر بسبب نزاع بينهما!

يمكن إدراج اغتيال فادي البطش بماليزيا عام 2018 في سياق رأي يفترض أن اغتيال أصحاب المعرفة العلمية القابلة للتطبيقات العسكرية، نهج يتبعه جهاز الموساد، مقتديا بفلسفة ترى أهمية بالغة في قتل "الإرهابيين" المحتملين الذين يصعب استبدالهم.