أثارت الضربات الإيرانية الأخيرة الموجهة إلى إسرائيل عن طريق المسيرات والصواريخ موجة كبيرة من التساؤلات حول القدرات الإيرانية التي كانت تخفيها عن الأعين وكشفتها تلك الضربات، وكشفت كذلك امتلاكها ووكلائها في المنطقة أسلحة بعينها تكشف عن نفسها لأول مرة.
وحسبما أعلنت القيادة المركزية الأميركية، أمس الأحد، فإنها دمرت أكثر من 80 مسيرة و6 صواريخ باليستية كانت موجهة لضرب إسرائيل من إيران واليمن.
وأضافت في بيان نشرته عبر منصة "إكس" أن قواتها دمرت صاروخا باليستيا وسبع طائرات مسيرة في مناطق سيطرة الحوثيين باليمن قبل إطلاقها.
صواريخ لا تظهر على الرادارات الخاصة بالدفاعات الجوية
وفي مقابلة مع "العربية.نت" و"الحدث.نت"، كشف الخبير العسكري المصري سمير راغب أن الضربات الإيرانية كشفت لأول مرة للأميركيين والأوروبيين والأطراف الفاعلة في المنطقة امتلاك إيران صواريخ يصل مداها إلى 2500 كيلومتر، وباتت لديها القدرة على الوصول لمدى أكثر من محيطها ومحيط الدول المجاورة بل يمكنها بذلك الوصول لقلب أوروبا، كما كشفت عن امتلاكها صواريخ باليستية من نوعية "خيبر شيكان" وهي صواريخ غالبا لا تظهر على الرادارات الخاصة بالدفاعات الجوية ومزودة برؤوس حربية كما يمكنها المناورة.
وذكر أن إيران تمتلك أيضا جيلا جديدا من صواريخ "خرمشهر" الباليستية، وصواريخ "كروز " وسجير، مضيفا أن هذا ما كشف جانبا من الغموض الذي كانت تحيطه طهران حول الأنظمة الصاروخية التي تمتلكها.
غموض حول المحركات
وتابع الخبير العسكري المصري أن الصواريخ الإيرانية وتحديداً "خورمشهر" و"خيبر" يلفها غموض أيضا حول محركاتها الجديدة التي تعمل بالوقود السائل والذي يقلل الوقت اللازم للإطلاق، مما يصعب من عملية رصده، مؤكدا أن ما حدث يؤكد خطورة ما تمتلكه إيران من هذه الأنظمة الصاروخية خاصة إذا ما تم تحميلها برؤوس نووية، وفي هذه الحالة ستكون الكارثة أكبر لأن الصواريخ التقليدية يمكن اعتراضها وصدها، لكن الصواريخ المحملة برؤوس نووية وفي حالة اعتراضها ستنفجر نوويا في أي منطقة يمكن صدها فيه أو اعتراضها أو إسقاطها فيه وهو ما ينجم عنه كارثي.
وأكد الخبير المصري أن هذا الأمر يستلزم التدخل دوليا لوقف البرنامج النووي الإيراني، وهو ما بات ضرورة بعد التأكد من امتلاك طهران أنظمة صاروخية مطورة بعيدة المدى، مضيفا أن طهران كان يتوجب عليها الرد على الاستفزازات الإسرائيلية بشكل معين وليس استفزازيا حتى تتجنب ردا إسرائيليا وأميركيا أكبر وموسعا، وهو ما حدث بالفعل حيث أطلقت طهران عدة مسيرات وصواريخ لا تصل لأهداف مدنية أو اقتصادية أو عامة وسكنية ولا تؤدي لسقوط قتلى بل تصل فقط لأهداف عسكرية.
حفظ ماء وجه طهران
وأضاف أن إيران تعمدت تأخير ردها لأسبوعين حتى تعطي الفرصة للجانب الإسرائيلي للاستعداد واعتراض الصواريخ المنطلقة منها، حفظا لماء وجه طهران من ناحية أمام وكلائها في المنطقة ومن ناحية أخرى لتجنب رد موسع كما ذكرنا سابقا من جانب إسرائيل، مشيرا إلى أن الصواريخ الإيرانية كانت تحتاج 9 ساعات للوصول لإسرائيل، وهو ما يمنح الأخيرة الفرصة للاستعداد والاعتراض وتفادي الضربات.
وقال إن إسرائيل تمكنت بالفعل من صد نحو 90% من تلك الصواريخ، بينها 7 صواريخ حاولت الوصول لقواعد عسكرية، ومنها القاعدة التي انطلقت منها المقاتلات "إف 35" والتي هاجمت القنصلية الإيرانية، ما يوحي بأنها انتقمت بالفعل عسكريا وحققت ما كانت تبتغيه سياسيا أمام وكلائها وأذرعها في المنطقة.
الخروج عن قواعد الاشتباك المعروفة
وقال إن إيران خرجت عن قواعد الاشتباك المعروفة فهي غالبا لا تهاجم إسرائيل، بشكل علني وبالأصالة عن نفسها بل تفعل ذلك غالبا بواسطة وكلائها في المنطقة مثل الحوثيين وحزب الله، موضحا أنه لأول مرة تصل صواريخ من إيران نفسها إلى إسرائيل.
وحول سيناريوهات الرد الإسرائيلي قال الخبير العسكري المصري إن إسرائيل أمامها 3 سيناريوهات.. الأول الالتزام بالنصيحة الأميركية بعدم الرد وهو الأكثر ترجيحا، والثاني هو الرد بنفس الطريقة وهو احتمال أقل.
أما الخيار الثالث فهو أن ترد إسرائيل بشكل موسع وتوجه ضربة قاصمة لإيران وبرنامجها النووي، وهو غالبا لن يحدث لأن الجانب الأميركي غير متحمس لذلك ولن يشارك فيه، فضلا عن أن إسرائيل لن تستطيع أن تقوم بالضربة منفردة.
وأشار إلى أن تل أبيب لن تستطيع كذلك استخدام أراضي الدول العربية المجاورة لتوجيه الضربة لإيران منها، ولذلك فهو احتمال منعدم لأنه في النهاية سيؤدي لصراع كبير في المنطقة لن يدعمه أحد ولن يتحمل أحد عواقبه.