الشبكة العربية للأنباء
الرئيسية - أخبار العالم - شواطئ تلفظ جثث جزائريين.. وعائلات مفقودين تروي رحلة الغموض

شواطئ تلفظ جثث جزائريين.. وعائلات مفقودين تروي رحلة الغموض

الساعة 09:26 مساءً

لفظت شواطئ في الغرب الجزائري عدداً من جثت ما يعرف بـ "الحراقة" (المهاجرين غير القانونيين) هذا الأسبوع، في وقت تسعى عائلات باقي المفقودين في البحر المتوسط، إلى فك لغز هذا الملف خاصَّة بعد وُرودِ معلومات غير رسمية حول تواجد أبنائهم في السجون الإسبانية.

فقد طفت على الشواطئ الجزائرية خلال الأيام الماضية 5 جثت لـ"حراقة"، أغلبهم جزائريون وآخر مغربي مقيم في الجزائر.

 

 

ما أعاد فتح جرح عشرات العائلات التي تنتظر أّيّ خبر يقودها لمعرفة مصير أبنائها، لاسيما مع ورود معلومات إلى أسر "الحراقة"، حول وجود أبنائها في السجون الإسبانية. حيث نشرت صور بعضهم في الجرائد الإسبانية ورنت هواتف آخرين ليُسمع ردٌّ تسجيل إسباني آلي.

صور تبعث الأمل

وفي السياق، روت السيدة نوال رمضان، واحدة من بين الذين قَلَبَت قضية "الحراقة" المختفين حياتهن رأسا على عقب ما جرى لابن خالتها.

فمنذ مغادرة ابن خالتها شاطئ عيون الترك بوهران، وهي تبحث عن رد لتساؤلاتها التي لا تنتهي: هل غرق؟ وإن كان، ما مصير جثته؟ وماذا عن صور "الحراقة" التي نشرتها الجرائد الإسبانية، ومع ذلك لم يُعثر عليهم؟

الشاب هواري بوعلام

الشاب هواري بوعلام

كما أشارت إلى أن "قريبها صاحب الـ30 ربيعا لم يكن بحاجة إلى الهجرة، إنما اتخذها كمغامرة، واعتلى مع صديق له الأمواج برفقة 10 شباب آخرين ليلة 26 أغسطس 2023".

وقالت نوال التي شهدت آخر لحظات مغادرة قريبها الشاطئ:".. اتصلت بي أخته وأخبرتني أنه سيغادر بعد قليل، فتواصلت معه عبر مكالمة الفيديو، ليُعلمني أن وجهتهم مدينة الميريا الإسبانية، وأنهم سيمتطون الأمواج في حدود السادسة والنصف مساء. ومكنني عبر الهاتف من رؤية من كانوا برفقته".

المكالمة الأخيرة

لكن تلك المكالمة كانت الأخيرة، حسب محدثتنا، التي كشفت أن "منظمي رحلات الموت هذه، فتحوا في الأيام التي تلت مغادرته، حسابات وهمية على مواقع التواصل ونشروا معلومات خاطئة بأنهم وصلوا إلى وجهتهم"، حسب رمضان.

ومنذ ذلك الوقت، انطلقت نوال في رحلة البحث وتقصي أيّ معلومة قادرة على إيصالها إلى قريبها المختفي. فعلمت أن "الحراقة" آتون من الولايات الجزائرية: وهران، برج بوعريريج، مغنية، قسنطينة، عين مليلة وعنابة، كما أنّ أحدهم هو مغربي الجنسية".

محمد النعيمي

محمد النعيمي

كما علمت أيضا بأنَّ "أربعة قوارب غادرت في نفس التاريخ تقريبا، اثنين من وهران، وواحد من بومرداس ورابع من مستغانم، حيث بقي مصير الجميع مجهولا".

"لا معلومات"

إلى ذلك، كشفت رمضان أنها انتقلت إلى الميريا، للتصريح باختفاء ذويها لدى الصليب الأحمر، والسلطات المحلية.

لكن البحرية الإسبانية أكدت أنها لا تملك "أي معلومات حول القضية".

غير أن سيناريو اختفائهم في البحر، لم يُقنع عائلات "الحراقة". فقد أكدت نوال أنه "لا يمكن أن لا يتم العثور على جثثهم، إذ لا بد أن تطفو عشرات ومئات الجثث إلى السطح، خاصة بعدما ظهرت بعض الجثث منذ ذلك الوقت، وفق قولها.

ولعل الأغرب، أن بعض "الحراقة" تم التعرف عليهم من قبل عائلاتهم بعدما نشرت صورهم في الجرائد الإسبانية، ما جعل من القضية لغزا محيرا.

 

وتسعى نوال، حاليا إلى جمع كل العائلات الجزائرية المعنية من أجل التوقيع على عريضة ترفع إلى الاتحاد الأوروبي للمطالبة بإيفاد لجنة تفتيش في السُجون الإسبانية. وقالت "نشتبه بأنَّ أبناءنا موجودون هناك، وثمَّة سبب يجعل السلطات الإسبانية تقرر إخفاءهم، وفي هذه الحالة يُعتبر اختفاءً قسريا".

لغز قارب 19 فبراير!

من جهتها قَصَّت ريم رحيل بوعلام، أخت "الحراق" المفقود هواري بوعلام، لـ"العربية.نت"، حكاية أخيها الذي خرج في 19 فبراير 2024 من تموشنت. وقالت: "وردتنا معلومات غير رسمية بأنهم وصلوا، وأنّ السلطات الإسبانية أوقفتهم."

بموازاة ذلك أكدت عائلات "حراقة" من نفس القارب أنها اتصلت بذويها خلال الثلاثة أيام التي تلت مغادرتهم، وأن هواتفهم رنت، لكن سمع تسجيل صوتي إسباني.

كما أشارت إلى أن أحدهم كانت صفحته على "الفيسبوك" مفتوحة بعد مغادرته، ولكنه لا يرد.

وسائل إعلام إسبانية نشرت صور بعضهم

وسائل إعلام إسبانية نشرت صور بعضهم

غموض مريب

لكن بعد أيام من الحادثة لفظ البحر جثتين على فترتين متقاربتين الأولى لشخص من وهران والثانية لآخر من الشلف، ثم انقطعت أخبار البقية، حسب ريم.

كما أضافت أن "القضية يلفها الكثير من الغموض"، لافتة إلى أن قريب أحد الشبان الذين كانوا في نفس القارب وهو من جنسية مغربية، سافر إلى إسبانيا وَوَكّلً محام، وأُبلغ رسميا في البداية أنّ قريبه متواجد لدى السُلطات الإسبانية". لكن تمَّ نفي الخبر بعدها لأسباب مجهولة، حسب قولها.

كما قال رشيد بداوي، لـ"العربية.نت"، إن أخاه ياسين، ممن كانوا في قارب 19 فبراير 2024، وأن رحلة البحث عنه لا تزال متواصلة.

يذكر أن ملف "الحراقة" المغاربة عموما والجزائريين خصوصا، يعتبر من بين الملفات التي تتجدد مع مغادرة كل قارب الشواطئ نحو السواحل الأوروبية.

وفيما يصل البعض إلى هناك بأمان، تحول القوات البحرية دون تحقيق حلم البعض الآخر.

وبين هذا وذاك، يختفي المئات في البحر المتوسط، لتبدأ رحلات بحث قد لا تعرف أي نهاية.