لم يكن انهيار جسر فرنسيس سكوت كي في بالتيمور، أمس الثلاثاء، هو الحادث الأول الذي تتسبب به سفينة الحاويات "دالي"، بل تملك السفينة تاريخاً من المشكلات والحوادث المضطربة؛ أبرزها حادث اصطدام سابق، وبعض المشكلات الميكانيكية.
فوفق وكالة "بلومبرغ" Bloomberg للأنباء، سبق أن اصطدمت السفينة "دالي"، التي جرى تشييدها عام 2015، برصيف حجري في ميناء أنتويرب في بلجيكا عام 2016، لتتعرض حينها لأضرار كبيرة.
ولم يُصب أحد في ذلك الحادث، على الرغم من أن السفينة احتاجت إلى إصلاح وفحص كامل قبل إعادتها إلى الخدمة وبيعها لشركة "غريس أوشن ليمتد"، ومقرّها سنغافورة. كما تعرّض رصيف ميناء أنتويرب لأضرار جسيمة، وكان لابد من إغلاقه.
وفي الفترة الأخيرة، أثيرت بعض المخاوف الميكانيكية بشأن السفينة، ففي يونيو الماضي، كشف فحص روتيني للسلامة في سان أنطونيو بتشيلي عن مشكلات تتعلق بأنظمة الدفع وأجهزة قياس الحرارة، وغيرها من الآلات الموجودة بالسفينة.
لكن يبدو أن هذه المشاكل، التي لم يجرِ الكشف عنها تفصيلاً، لم تكن خطيرة بما يكفي لإخراج السفينة من الخدمة.
وأظهرت قاعدة بيانات "إكواسيس" البحرية أن الفحص القياسي للسفينة، الذي أجراه خفر السواحل الأميركي، في وقت لاحق من العام الماضي، لم يجد أي عيوب بها.
وقالت الحكومة السنغافورية، في بيان، إن السجلات والشهادات القانونية تُظهر السلامة الهيكلية للسفينة "دالي"، وإن مُعداتها كانت تعمل بشكل صالح وجيد، وقت وقوع حادث بالتيمور، كما اجتازت السفينة عمليتي تفتيش منفصلتين بالموانئ الأجنبية، في يونيو وسبتمبر من العام الماضي، على الرغم من إصلاح خطأ في مقياس مراقبة ضغط الوقود قبل مغادرة السفينة أحد هذه الموانئ.
وأبلغت السفينة بفقدان قدرتها على الدفع قبيل الاصطدام الأخير، وأنزلت المرساة لإبطاء سرعتها، ما منح سلطات النقل وقتاً لإيقاف حركة المرور على الجسر قبل الاصطدام. وقالت السلطات إن ذلك منع، على الأرجح، سقوط مزيد من القتلى.
وتسبّب الحادث في تعطيل حركة الشحن بأحد أكثر الموانئ ازدحاماً على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وكذلك تعطيل النقل البري، حيث إن جسر فرنسيس سكوت كي هو الطريق الرئيسي الرابط بين نيويورك وواشنطن لمن يريد تجنب وسط مدينة بالتيمور، وهو واحد من ثلاثة طرق لعبور ميناء بالتيمور، وتمر عليه 31 ألف سيارة يومياً.
والسفينة المملوكة لشركة "غريس أوشن ليمتد" تُشغلها شركة "سينرجي مارين غروب" التي قالت إنها كانت تحمل نحو 4900 حاوية على متنها، وقت وقوع الحادث الأخير، وأنها اصطدمت بأحد أعمدة الجسر.
أعلنت السلطات في بالتيمور مساء الثلاثاء تعليق عمليات البحث عن 6 أشخاص فُقد أثرهم إثر انهيار الجسر في المدينة الأميركية، مشيرة إلى أنّ المفقودين الستة باتوا الآن يُعتبرون في عداد الموتى.
وقال المسؤول في خفر السواحل نائب الأدميرال شانون غيلريث خلال مؤتمر صحافي إنّه "بناء على المدّة التي استغرقتها عمليات البحث.. ودرجة حرارة المياه، فنحن الآن لا نعتقد أنّنا سنعثر على هؤلاء الأفراد على قيد الحياة".
ومنذ انهيار جسر فرنسيس سكوت كي المروري المهم في بالتيمور على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، استعانت السلطات بمسيّرات ومروحيات وغوّاصين، ما سمح بالعثور على ناجيَين، أحدهما مصاب بجروح خطيرة.
وأوضح غيلريث مساء الثلاثاء أنه في مواجهة الظروف الصعبة، "المد العالي والتيارات التي تجعل عمل الغواصين محفوفاً بالمخاطر.. سنعلق مرحلة البحث النشط".
وأضاف مسؤول آخر "سننتقل ببساطة إلى مرحلة جديدة" من الإغاثة، موضحاً أن غواصين سيكونون في الموقع اعتباراً من فجر الأربعاء.
ومن المرجح أن المفقودين الستة عمّال كانوا يعملون على الجسر، إذ أفاد مسؤول في شركة الأشغال العامة وسائل إعلام محلية أن ستة منهم اعتبروا في عداد الموتى.
وأكد بول ويديفيلد، مسؤول النقل في ولاية ماريلاند، أنهم كانوا يعملون بشكل أساسي على "إصلاح حفر" وأن عملهم "لا علاقة له بمشكلة بنيوية".
وأظهرت تسجيلات لكاميرات المراقبة ناقلة حاويات تصطدم بإحدى ركائز جسر فرنسيس سكوت كي الذي تم تدشينه في عام 1977، ما تسبب بانهيار عدّة أقواس من الجسر في النهر.
وتظهر في التسجيلات أضواء آليات صيانة على الجسر، قبل أن يتفكك وينهار أجزاء في المياه قرابة الساعة 1:30 بالتوقيت المحلي (5:30 غرينتش).