لا شكّ أن الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، أججت الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية والفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا بالإضافة إلى الحوثيين في اليمن، الذين يبدون حتى الآن متفلتين إلى حد ما مقارنة مع الفصائل المسلحة العراقية.
دور صيني
ورغم أن طهران تنفي باستمرار أن تكون وراء الهجمات التي تشنّها مجموعات موالية لها على قواعد تتمركز فيها قوات أميركية، سواء في العراق أو سوريا، فإن التصعيد في المنطقة كما يرى مراقبون هو صنيعها، وأن الهدف منه توجيه رسائل في أكثر من اتّجاه.
حول هذا الأمر، رأى ديفيد دي روش، الضابط السابق بالجيش الأميركي والأستاذ حاليا بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن، أن الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا تأملان في أن تمارس الصين ضغوطا على إيران حتى يتوقف الحوثيون عن استهداف السفن في البحر الأحمر.
وقال دي روش لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) الاثنين، إن الضربات الجوية (الأميركية-البريطانية) تعمل على إضعاف قدرة الحوثيين العسكرية، لكنها لا تضعف من عزمهم وإرادتهم السياسية على الاستمرار في تعطيل حركة السفن في البحر الأحمر.
كما أضاف أن هذه الهجمات تقوم على فرضية أنه من خلال ردع القدرة العسكرية للحوثيين سيتم تحقيق الاستقرار الإقليمي، على الرغم من اعتقاده بأن النهج الاستراتيجي يُظهر أن التحالف قد امتنع عن مهاجمة مراكز القيادة والسيطرة الحوثية.
وأردف قائلا "ما يأمل التحالف فيه هو أن يقوم أحد ما يحظى بحصة من التجارة العالمية، خاصة الصين، بالضغط على إيران لمطالبة الحوثيين بالتوقف عن ذلك".
ولفت دي روش إلى أن الشيء الذي قد ينجح هو أن تقول الصين، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة العالمية، للإيرانيين: عليكم أن توقفوا ذلك، لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لإيران، وهي من يقدم دعما لا يقدر بثمن لإيران في الأمم المتحدة وفي مجالات أخرى، خصوصا أنه حتى الآن، لم تتعرض السفن الصينية لهجوم مباشر.
التوتر سيد الموقف
يأتي هذا بينما تستمر جماعة الحوثي بشن هجمات على السفن في البحر الأحمر، وسط تأكيد أميركي بريطاني على استمرار الضربات في اليمن.
ومنذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر الماضي (2023) تصاعد التوتر على عدة جبهات في المنطقة من لبنان إلى سوريا فالعراق مروراً باليمن.
فقد شنت جماعة الحوثي منذ نوفمبر الماضي أكثر من 45 هجوماً بالمسيرات والصواريخ على سفن تجارية، زاعمين أنها تتجه إلى مواني إسرائيل أو يملكها إسرائيليون.
كما هددت بإغلاق كلي لمضيق باب المندب الذي يعد من أهم المعابر المائية في العالم، ويشكل ممرا بحريا للتجارة الدولية، تمر به معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا، ونحو 10% من حركة الملاحة العالمية.
وعطلت تلك الهجمات حركة الشحن العالمي، وأثارت مخاوف من التضخم العالمي. وأجبرت عدة شركات على وقف رحلاتها عبر البحر الأحمر، وتفضيل طريق أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا.
إلى ذلك، فاقمت المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس، والمستمرة منذ ما يقارب 5 أشهر، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط وتوسيع الصراع.