بعد حالة من الارتباك والغموض، دخلت السوق السوداء للصرف في مصر في مأزق صعب بعد إعلان الحكومة المصرية عن توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر مع الإمارات لتنمية منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي الغربي.
وعلى خلفية هذه الأخبار، أصيب المضاربون وتجار العملة بصدمة كبيرة، فيما شهدت الصفحات التي تتابع أسعار الصرف على منصات التواصل الاجتماعي شدا وجذبا بين مؤيدي فكرة قرب انتهاء أزمة الدولار في مصر، وبين آخرين يؤكدون أن الأزمة ستظل قائمة.
في مذكرة بحثية حديثة، توقع بنك "غولدمان ساكس"، أن يوفر الاستثمار الإماراتي فرصة لحل أزمة النقد الأجنبي في مصر.
وشهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أمس، مراسم التوقيع على أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، مع الجانب الإماراتي، لتنمية منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي الغربي.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن المشروع بالشراكة بين مصر ودولة الإمارات، وسيتضمن الشق الأول استثماراً أجنبياً مباشراً بقيمة 35 مليار دولار سيتم دخولها إلى الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، ثم يعقبها بعد شهرين الدفعة الثانية 20 مليار دولار، والشق الثاني سيكون على هيئة أرباح وسيكون للدولة المصرية نحو 35% من أرباح المشروع.
وبموجب الاتفاقية يتم تدشين مدينة متكاملة في رأس الحكمة على مساحة 40600 فدان بتمويل من دولة الإمارات يصل إلى 35 مليار دولار مقسم على دفعتين.
وتوقع "غولدمان ساكس"، أن يشهد الجنيه المصري رسمياً تخفيضاً نسبياً خلال الفترة المقبلة مع تراجع حاد في أسعار السوق الموازية للصرف في البلاد.
وذكر التقرير أن صافي التدفقات الدولارية الجديدة التي تدخل لمصر قبل نهاية النصف الأول من 2024 جراء هذا الاتفاق فقط يصل إلى 24 مليار دولار؛ وهو ما يخفف الضغط على الجنيه في الأجل القصير ويعزز من فرص مصر مع قرب إعلان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في توفير سيولة أجنبية لسد فجوات التمويل خلال الأربع سنوات المقبلة.
في الوقت نفسه، فقد انخفضت العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهراً، عقب توقيع اتفاقية "رأس الحكمة".
وسجلت العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهراً، نحو 57 جنيهاً للدولار مقابل 65 جنيهاً، وبنسبة هبوط 14.5% من ذروتها نهاية يناير الماضي عند 66.7 جنيه.
وفي تصريحات أمس، كشف رئيس اتحاد الصناعات المصرية، محمد السويدي، أن مشروع رأس الحكمة ضخم ويساهم في توفير سيولة ضخمة وكم هائل من العملة الصعبة يعادل الاحتياطي في البنك المركزي.
وأشار إلى أنه عند توافر العملة ستتوافر السلع وفي حالة توافرها تظهر المنافسة، وفي هذه الحالة لا يوجد أي نوع من الاحتكار أو استغلال الظروف لصالح سلعة من عدمها. أوضح، أن مثل هذه الفرص الاستثمارية ستعمل على تخفيف الأعباء على المواطن المصري، وستساهم في زيادة فرص العمل ورفع الأجور والمرتبات.
ولفت إلى أن حجم المشروع الاستثماري الحالي على أرض مصر سيساهم في تشغيل العمالة والمصانع والمقاولات في كل القطاعات. وأكد أن الصفقة جاءت في وقت صعب وتبرهن للعالم أجمع أن مصر مازالت دولة جاذبة للاستثمار، وما زال بإمكانها تقديم الكثير، مضيفاً: "مصر طوال عمرها جاذبة للاستثمار، لدينا مجالات متعددة في الاستثمارات منها: الاستثمار الصناعي والزراعي والسياحي والتطوير العقاري، كل هذه تعد فرص استثمارية كبيرة جداً".